للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- النية والقصد والإرادة من وراء الفعل أو السلوك: فلكل عمل نية أو قصد أو إرادة أو دافع له. وقد قال الإمام الغزالي: "اعلم أن النية والإرادة والقصد عبارات متواردة على معنى واحد. وهي حالة وصفية للقلب يكتنفها أمران: علم وعمل. والعلم يقدم العمل لأنه أصله وشرطه. والعمل يتبع العلم لأنه فرعه وثمرته. وكل عمل لا يتم إلا بثلاثة أمور علم إرادة وقدرة.. ومعنى الإرادة انبعاث القلب إلى ما يراه موافقا للغرض. ومن هنا يرتبط العمل أو السلوك الأخلاقي بحرية الفرد في ممارسة وأداء عمله وواجباته من ناحية وبمسئوليته عن استخدام هذه الحرية من ناحية أخرى. والمسئولية ترتبط بالجزاء. كما أن حرية الفرد تدور في الإطار الاجتماعي فليس هناك حرية في فراغ. وحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. وعلى هذا فإذا كانت النية أو القصد أو الدافع من وراء الفعل حسنا أو خيرا كان العقل خيرا أو حسنا والعكس صحيح. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".

٢- الأثر أو النتيجة المترتبة على الفعل بالنسبة للآخرين. والسلوك هو الصورة الظاهرة التي تدل على الصورة الباطنة للأخلاق. وهو عمل إرادي متجه نحو غاية معينة. فإذا كانت النتيجة خيرا أو حسنة كان الفعل خيرا أو حسنا والعكس صحيح. والإنسان يتحمل نتيجة عمله وتصرفه عملا بقوله تعالى في سورة فاطر: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} . والإنسان هو الذي يأتي أعماله بمحض إرادته واختياره وتصرفه. فالله سبحانه وتعالى لا يخلق أفعال الناس ولا يكتبها عليهم.

٣- طبيعة الفعل أو السلوك الأخلاقي: فالفعل أو السلوك الأخلاقي يكون حسنا أو قبيحا في ذاته وليس في شيء خارج عنه. فلكل فعل أو سلوك أخلاقي صفة ذاتية تجعله حسنا أو قبيحا. فالصدق صفة ذاتية جعلته حسنا والكذب فيه صفة ذاتية جعلته قبيحا. ولذلك يشترك العقلاء فيما يستحسنون أو يستقبحون.

<<  <   >  >>