للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أخلاق المعلمين]

تختلط الآراء فيما كتب عن أخلاق المعلمين فمنهم من يتهمهم بالحمق وروجوا عنهم الأمثال التي تصفهم بذلك مثل قولهم: "أحمق من معلم كتاب" وقد رد الجاحظ على هذا الزعم، وقال: كيف نستطيع أن نزعم أن الكسائي وقطرب وأتباعهما يقال لهم حمقى. ونفى هذه الصفة عن المعلمين بصفة عامة بقوله: "ولا يجوز هذا القول على هؤلاء ولا على الطبقة التي دونهم". وأمير الشعراء أحمد شوقي مع أنه عظم المعلم بقوله:

قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا

يقول في قصيدته بعنوان "مصاير الأيام": إن عدوى الصبية تمتد إلى المؤدب فتلقبه صبيا مثلهم. يقول شوقي في ذلك:

ألا حبذا صحبة المكتب ... وأحبب بأيامه أحبب

وياحبذا صبية يمرحون ... عنان الحياة عليهم صبي

خليون من تبعات الحياة ... على الأم يلقونها والأب

كأنهم بعد تلقي الدروس ... مهار عرابيد في الملعب

جنون الحداثة من حولهم ... تضيق به سعة المذهب

عدا فاستبد بعقل الصبي ... وأعدى المؤدب حتى صبي

وقد ورد أيضا أن معلم الكتاب لا تقبل شهادته، وقد يكون تفسير ذلك على أنه تشكك في ذمة المعلم وضميره وإنما على أنه سد الباب أما ترك المعلم لتلاميذه وعمله للإدلاء بالشهادة.

ومن المعروف أن معلم الكتاب كان يحرم عليه ألا يترك عمله ولا ينشغل عن تلاميذه لأي سبب من الأسباب، ولذلك حرم عليه -إلا في حالة الضرورة- أشياء منها عيادة المريض والصلاة على الجنازة أو السير فيها أو الإدلاء بالشهادة في البيع أو النكاح لأن هذه الأشياء تجعله يترك عمله وتلاميذه. بل لا يجوز للمعلم أن ينشغل عن تلاميذه بأن يكتب لنفسه أو لغيره كتب الفقه وغيرها إلا بعد انتهاء عمله مع الصبيان. ويصف ابن جماعة المعلم بأنه "الذي كملت أهليته وتحققت شفقته وظهرت مروءته وعرفت عفته واشتهرت صيانته وكان أحسن تعليما وأجود تفهيما".

أما بالنسبة لأخلاق وآداب العلماء فإن الكتابات عن هذا الموضوع تضعهم في مكانة عالية رفيعة، ويجب أن يكونوا نبراسا لغيرهم من المشتغلين بالعلم

<<  <   >  >>