للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سابعا: الرباطات]

يختلف معنى الرباطات في الشرق الإسلامي عنه في الغرب الإسلامي والرباطات جمع رباط ويقصد في الشرق الإسلامي البيوت التي كان يقيم بها الفقراء ويتفرغون للعبادة والتعليم ومنها رباط البغدادية للشيخة زينب البغدادية بني ٦٨٤هـ ... وكانت تسكنه مع عدد النساء اللاتي انقطعن للتعليم والعبادة.

أما الرباط في المغرب الإسلامي. فهو ثكنة عسكرية محضة ذات صحن واسع تحيط به غرف وقد يكون على طابق واحد أو على طابقين تعلوه صومعه مستديرة للأذان وخصوصا لمراقبة السواحل اتقاء للغارات البحرية الموجهة من طرف أساطيل الروم.

فالرباط حصن دفاعي أخذ تسميته من مرابطة المجاهدين في سبيل الله فيه. فكان هؤلاء المجاهدون يرابطون فيه ويقضون يومهم وليلهم في العمل أو العبادة. وجميع الرباطات في المغرب العربي بنيت على ساحل البحر، وكانت تتصل بعضها البعض بواسطة العلامات النارية أو الحمام الزاجل. وكان لكل رباط من الرجال رباط النساء، يتعبدن فيه ويساعدن الرجال في الأشغال الفلاحية وغيرها. وكان المرابطون يقومون بعدة أشغال منها صنع الورق والحبر وهما لازمان لما كانوا يقومون به من نسخ المصاحف وكتب الفقه والحديث. وكان المؤلفون وأصحاب التصانيف يعطون مؤلفاتهم الأصلية التي كتبوها بخط أيديهم إلى الرباطات لتنسخ منها نسخ أخرى ويحتفظ بالأصل للرجوع إليه عند الالتباس. وكان المرابطون يقومون بنسخ الكتب وتوزيعها على طلاب العلم مجانا.

وكان الرباط مدرسة يؤمها العلماء والطلبة، وكان العلماء يرابطون فيها فترة من العام قد تكون شهرا ليدرسوا العلم احتسابا لوجه الله. كما كان الطبيب يرابط أيضا فترة من أجل مداواة المرضى، وكذلك رجل البريد. فالكل يرابط من أجل الجهاد في سبيل الله. وفي كل رباط مكتبة مقامة في الجدار على هيئة طاقات في الحائط بها النسخ الأصلية والفرعية للمؤلفات والتصانيف. وأقدم الرباطات التي شيدها العرب بإفريقية هو رباط المستنير، الذي بناه الأمير هزيمة بن أيمن والي القيروان سنة ١٨١هـ وهو ما زال قائما حتى اليوم، ومن الرباطات الأخرى الموجودة حتى الآن رباط سوسة والرباط الأعلى والرباط الأسفل بتونس.

<<  <   >  >>