للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- القابسي وآراؤه التربوية:

الاسم الكامل للقابسي هو أبو الحسن علي بن محمد خلف المعافري المعروف بالقابسي، ولد بالقيروان سنة ٣٢٤هـ "٩٣٥م" وبها تربى وتعلم وعلم. وبها مات ودفن سنة ٤٠٢هـ "١٠١٢م". ويرجع نسب القابسي على الأرجح إلى قرية المعافرين التي ينتسب إليها وكانت ضاحية من ضواحي تونس.

وكان القابسي عالما ضريرا فقيها ورعا. وله مؤلفات كثيرة تصل إلى ١٥ كلها في الفقه والحديث والمواعظ باستثناء واحد أفرده القابسي لشئون التعليم في الإسلام هي رسالته المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين. وقد صنفها في النصف الثاني من القرن الرابع وضاع الأصل وبقيت منه نسخة خطبة فريجة ترجع إلى عام ٧٠٦هـ وهي محفوظة بالمكتبة القومية بباريس ومكتوبة بخط مغربي جميل.

وهذه الرسالة أكبر من حجمها من رسالة ابن سحنون وقد تأثر بما كتبه ابن سحنون ونقل عنه نقلا حرفيا في بعض الأحيان، كما سبق أن أشرنا، كما نقل أيضا عن الفقهاء الذين أخذ عنهم ابن سحنون كابن القاسم وابن وهب إلا أن للقابسي فضل التوسع والاستفاضة في الأبواب والمعالجة.

آراء القابسي التربوية:

تصدى القابسي في رسالته إلى الكلام عن تعليم الصبيان من حيث أغراضه ومناهجه وطرق تدريسه وأماكنه ومراحل. كما تحدث عن بعض الأحكام الخاصة بالمعلم. وقد تناول القابسي في الجزء الأول من رسالته فضل تعلم القرآن وتعليمه. وهو بهذا يشترك مع ابن سحنون بل إنه ينقل نفس الأحاديث النبوية إلا أنه يتوسع في الكلام.

الغرض من التعليم معرفة الدين علما وعملا:

يجعل القابسي من تعليم القرآن غرضا هاما لتعليم الصبيان. بالقرآن ضرورة لمعرفة الدين. والصلاة لا تتم إلا بقراءة شيء من القرآن وهي مفروضة على المسلمين لأنها ركن من أركان الدين. وهو يتفق مع غيره من علماء المسلمين في أن الغرض الأول من تعليم الصبيان هو معرفة الدينه علما وعملا أو نظرا وتطبيقا وممارسة.

وجوب تعليم الصبيان:

يتعرض القابسي لقضية لم ترد عند ابن سحنون هي قضية القول بضرورة تعليم جميع الصبيان فتعليمهم واجب وجوبا شرعيا. وهو يدلل على هذا الوجوب بوجوب معرفة القرآن والعبادات، وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ ولذا كان التعليم واجبا لأنه شرط معرفة القرآن والعبادات. وهكذا نجد بذور فكرة التعليم الإجباري الإلزامي عند القابسي، وقد كان صريحا كما كان جريئا

<<  <   >  >>