للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الماوردي والأصفهاني وابن خلدون]

يقول الأستاذ مصطفى السقا في مقدمته لكتاب "أدب الدنيا والدين" طبعة دار الكتب العلمية ببيروت إنه يلوح له من مباحث الماوردي أنه كان أحد الرواد الأوائل الذين مهدوا لابن خلدون عالم الاجتماع والتاريخ سبيل القول في كثير من الأبواب والفصول التي وضعها في مقدمته لتاريخه الكبير. وهذه ملاحظة قيمة له يعود بعدها فيقول إن إثباتها يحتاج إلى بحث مستقل. وكنت قبل قراءتي لهذه الملاحظة في هذه الطبعة قد قرأت كتاب أدب الدنيا والدين الذي طبعته مطبعة صبيح وأولاده بالقاهرة. وتوصلت إلى نفس الملاحظة وأشرت إليها في طبقة سابقة لكتابي عن التربية الإسلامية. وقد اتسع نطاق هذه الملاحظة عندما قرأت كتابي الراغب الأصفهاني "الذريعة في أحكام الشريعة" و"تفصيل النشأتين" فوجدت عبارات مشابهة لما ورد عن الماوردي وهو سابق له أيضا. وسأشير هنا إلى بعض الأمثلة.

كثير منا عندما تذكر عبارة "الإنسان مدني بالطبع" ينسبها للتو إلى ابن خلدون وقد ذكرها في مقدمته في الباب الأول في أول كلامه عن العمران البشري وقد سبق أن وردت هذه العبارة كعنوان نصه الإنسان مدني بطبعه في أول كلام عن باب أدب الدنيا. كما وردت هذه العبارة بنفس النص عند الراغب الأصفهاني في كتاب الذريعة المشار إليه والواقع أن ابن مسكويه قد ذكر هذه العبارة وهو سابق لهم جميعا. وهو ما سبق أن أشرنا إليه عند كلامنا عن ابن مسكويه. وكلام الماوردي عن التدرج في طلب العلوم "ص٥٥ طبعة بيروت" يتشابه مع كلام ابن خلدون في حديثه عن وجه الصواب في تعليم العلوم. وسنفصل الكلام عن ذلك. وكلام ابن خلدون عن الظلم مؤذن بخراب العمران يتشابه مع ما ذكره الماوردي في قوله ص١٤١: "وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور -أي الظلم-".

<<  <   >  >>