للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإنسان مدني بطبعه]

يقول الماوردي تحت هذا العنوان في أول الكلام عن باب أدب الدنيا "اعلم أن الله تعالى لنافذ قدرته وبالغ حكمته خلق الخلق بتدبيره وفطرهم بتقديره فكان من لطيف ما دبر وبديع ما قدر أن خلقهم محتاجين وفطرهم عاجزين ... ثم جعل الإنسان أكثر حاجة من الحيوان لأن من الحيوان ما يستقل بنفسه عن جنسه والإنسان مطبوع على الافتقار إلى جنسه".

ويقول ابن خلدون في أول كلامه في الباب الأول الكتاب الأول عن العمران البشري: "إن الاجتماع الإنساني ضروري ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم الإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع. وهو معنى العمران ... إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من الغذاء ... ويحتاج ... في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه لأن الله سبحانه لما ركب الطباع في الحيوانات كلها وقسم القدر بينها جعل حظوظ كثير من الحيوان ... أكمل من حظ الإنسان.. فلا بد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه "الإنسان" وما لم يكن هذا التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء ولا تتم حياته.

ومن الواضح التشابه بينهما. كما أن ابن خلدون لا ينسب إلى نفسه عبارة "الإنسان مدني بالطبع" مما يوضح أنه ناقل لها من غيره.

<<  <   >  >>