للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما يصلح به حال الإنسان]

يقول الماوردي إن ما يصلح به حال الإنسان ثلاثة أمور هي قواعد أمره ونظام حاله وهي نفس مطيعة إلى رشدها منتهية من غبها، وألفة جامعة تنعطف القلوب عليها ويندفع المكروه بها، ومادة كافية تسكن نفس الإنسان إليها ويستقيم أوده بها.

أما الأمر الأول وهو النفس المطيعة فلأنها إذا أطاعته ملكها وإذا عصته ملكته ولم يملكها. ويقول الماوردي إن للنفس آدابها هي تمام طاعتها وكمال مصلحتها. أما الأمر الثاني وهو الألفة الجامعة فلأن الإنسان مقصود بالأذية محسود بالنعمة فإذا لم يكن ألفا مألوفا تخطفته أيدي حاسديه وتحكمت فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة، ولم تصف له مدة فإذا كان آلفا مألوفا انتصر بالألفة على أعاديه وامتنع على حاسديه فسلمت نعمته منهم وصفت مدته عنهم وإن كان صفر الزمان عسرا وسلمه خطرا. وقد روى ابن جريح عن عطاء رحمهما الله عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المؤمن آلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس". ويذكر الماوردي أسبابا خمسة للألفة هي الدين والنسب والمصاهرة والمودة والبر. فالدين يبعث على التناصر ويمنع التقاطع والتدابر. يقول تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} . والنسب من أسباب الألفة لأن تعاطف الأرحام وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التخاذل والفرقة. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم إذا تماست تعاطفت". ولذلك

<<  <   >  >>