للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- أسلوب الثواب والعقاب:

يعتبر أسلوب الثواب والعقاب من الأساليب والطبيعية التي تستند إليها التربية في كل زمان ومكان. فهذا الأسلوب يتمشى مع طبيعة الإنسان حيثما كان، وأيا كان جنسه أو لونه أو عقيدته فالإنسان يتحكم في سلوكه ويعدل فيه بمقدار معرفته بالنتائج الضارة أو النافعة والسارة والمؤلمة التي تترتب على عمله وسلوكه. والتربية الإسلامية تستخدم أسلوب الثواب والعقاب لما له من أهمية بالغة في التنشئة الصالحة لأبنائنا. فأسلوب القرآن الكريم في تصوير الجنة ونعيمها والنار بأهوالها وعذابها إنما هو أسلوب مناسب لطبيعة الإنسان التي تسعى دائما وراء المنفعة وتبتعد ما أمكن عن المضرة. وهكذا يصبح الجزاء من جنس العمل وهو مبدأ منطقي لا يستطيع أحد أن يجادل فيه {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .

والآباء في تعاملهم مع أبنائهم والمعلمون مع تلاميذهم بل والمجتمع الإسلامي الكبير يستخدم هذا الأسلوب التربوي على أوسع نطاق. بيد أنه ينبغي أن نشير إلى أن الأسلوبين وإن كانا لازمين في الاستخدام لتفاوت طبائع الناس واختلافهم في الامتثال للأصول والقواعد الإسلامية لا يتساويان في قيمة الأثر الذي يحدثه كل منهما. فأسلوب الثواب أفضل من أسلوب العقاب والترهيب؛ لأن الأسلوب الأول إيجابي وأثره باقٍ؛ لأنه يعتمد على استثارة الرغبة الداخلية للإنسان. في حين أن الأسلوب الثاني سلبي وأثره موقوت لأنه يعتمد على الخوف. وقد ضرب الله لنا مثلا بأنه وإن كان يحاسب الناس على ذنوبهم يترك الباب مفتوحا أمامهم للتوبة والعودة إلى الله {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} . و {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} وفي حين أن الله سبحانه وتعالى يضاعف الحسنات لأصحابها فإنه يتجاوز عن السيئات في الحدود التي أوضحها لنا. ويكون استخدام العذاب أو العقاب بعد أن تكون الأساليب الأخرى من نصح وهداية وإرشاد قد عجزت عن أن تحقق المطلوب منها. وهذا يعني أن يعول في التربية الإسلامية على أسلوب الثواب والترغيب بصورة أكثر {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} .

إن الإنسان معرض للخطأ والوقوع فيه. فجل من لا يخطئ، ومن منا كملت صفاته؟ ولذلك نجد أن الأسلوب الإصلاحي للتربية الإسلامية يفتح الباب أمام العودة إلى الطريق السليم. وفي هذا صلاح للمذنب أو المخطئ وإلا تمادى في خطئه. قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} . وفي الحديث الشريف: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".

<<  <   >  >>