للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الصافات]

...

قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} الآية: ١٢

[٢٢٤٠] وقد روى الطبري وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن أبي وائل١ عن شريح أنه أنكر قراءة {عَجِبْتَ} بالضم، ويقول إن الله لا يعجب وإنما يعجب من لا يعلم٢، قال فذكرته لإبراهيم النخعي فقال: إن شريحا كان معجبا برأيه، وأن ابن مسعود كان يقرؤها بالضم وهو أعلم منه٣.


١ اسمه شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، روى عن عدد من الصحابة والتابعين، وعنه الأعمش وغيره. ثقة. مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب ٤/٣١٧-٣١٨، والتقريب ١/٣٥٤.
٢ صفة العجب في حق الله سبحانه وتعالى قد ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الرجل الذي أضاف ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه "لقد عجب الله - عز وجل ـ، أو ضحك - من فلان وفلانة " الحديث. صحيح البخاري، تفسير سورة الحشر، ومسلم، كتاب الأشربة، باب إكرام الضيف، فمذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتا يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل.
٣ فتح الباري ٨/٣٦٥.
وهما قراءتان متواتران - أعني قراءة الفتح والضم في قوله: {بَلْ عَجِبْتَ} - فقرأ عامة قراء الكوفة {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} بضم التاء بمعنى: بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكا، وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون.
وقرأ عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة {بَلْ عَجِبْتَ} بفتح التاء بمعنى: بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن. انظر: جامع البيان ٢٣/٤٣.
هذا ولم تذكر هذه الرواية عند الطبري في هذا الموضع، وقد ذكرها السيوطي في الدر المنثور ٧/٨٢ ونسبها إلى أبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق الأعمش عن شقيق بن سلمة عن شريح، به. والأثر أخرجه الحاكم ٢/٤٣٠ من طريق إسحاق بن إبراهيم، أنبأ جرير، عن الأعمش، به مثله. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>