للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل روى الصحابة الحديث بالمعنى أم باللفظ؟:

رأينا كيف تثبت الصحابة من الراوي والمروي, وبان لنا مدى استيثاقهم مما ينقلونه, وتحوطهم في الرواية, وبعدهم من التزيد فيها, واقتصارهم على ما يبلغ الغاية من الرواية أتتحقق من خلاله نضارة الوجوه واتضاح الأحكام، وتحقق مصالح العباد.

فإذا تساءلنا عن أدائهم للأخبار هل كان بمعناها من خلال ألفاظ يصوغونها, ويعلمون مؤداها, أم كان أداؤهم بنفس الألفاظ التي سمعوها من غير تغيير كلمة بأخرى, أو تبديل حرف بحرف, أو تبديل هيئة الحرف لكونه مشددًا أو مخففًا.

المتجرد للحق الخالي من الهوى والعصبية إذا طالع الأخبار المتناقلة بين الصحابة وعنهم, رأى أن من الصحابة من تشدد في الرواية وأبى إلا تحري الألفاظ النبوية, ومنهم من ترخص في ذلك وسوغ الرواية بالمعنى لمن علم المباني وفهم المعاني وعرف مدلول الألفاظ، وما يحيل المعنى أو يغيره، إلى غير ذلك من الشروط اللازمة للترخيص في الرواية بالمعنى.

وممن عرف عنه التشدد في الرواية والتزام اللفظ الناسك العابد، الورع الزاهد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما, وهو أشهر من روى حديث: "بني الإسلام على خمس" , وقد نقل الخطيب عنه أنه قال لمن أعاد هذا الحديث عليه فجعل الصيام قبل الحج: "اجعل صيام رمضان آخرهن كما سمعت من

<<  <   >  >>