للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحلى من العسل، وهو الذي أنعم به على بني إسرائيل {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} , ومنها القطع كقوله: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} ومنها أن تمنّ بما أعطيته للغير وتتحدث عنه فيتأذى به ذلك الغير.

ومنه قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} , وقوله: {ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى} .

ومنها: الإنعام والإحسان إلى من لا تطلب الجزاء منه كقوله: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} والمنان في صفة الله تعالى: المعطي ابتداء من غير أن يطلب منه عوضا.

والمفسرون١ على أن {مَنَّ} هنا بمعنى أحسن وأنعم على المؤمنين في علمه أو الذين يئول حالهم إلى الإيمان، منّ عليهم ببعث رسول عظيم من أشرفهم وأنبلهم وأكرمهم وأفضلهم وأوسطهم نسبا, ثم كان مهمة الرسول المبينة في هذه الآية تمثل ثلاث حلقات: قراءة للآيات, وتبليغ لها, وتزكية للنفوس وتطهيرها, وتعليم للكتاب وللحكمة، وقد علم أن الكتاب هو القرآن. فما الحكمة؟ لن تكون إلا السنة كما نص على ذلك أبو السعود٢, وسبقه إلى تقريره وتأكيده الشافعي٣, وهو يطلب ويستقصي أنواع بيان والسنة للقرآن.


١ انظر التفسير الكبير المعروف بمفاتيح الغيب ج٩، ص٨٠، وروح المعاني ج٤، ص١١٤.
٢ إرشاد العقل السليم ج١، ص٤٤١.
٣ الرسالة للإمام الشافعي ص٣٢، وص٧٨.

<<  <   >  >>