للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأن أي علم يشرف بشرف موضوعه, فأنى يكون شرف من يجعل القرآن قبلته, وبيان ما نزل عليه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم وجهته, من ذا عساه أن يسكنه حقيقته, أو أن يدرك قصده وغايته لن يكون إلا الموفق, وإذا حقق النظر متأمل ودقق فسيجد الموفقين ثلة من الأولين وقليلا من الآخرين شأنهم شأن السابقين، ونعني بهم أولئك الذين عكفوا على كتاب الله وسنة رسوله, ورأوا أنهما أصلا هذا الدين، وأن الصلة بينهما صلة التواثق والتوافق والترابط والتطابق.

وحجية السنة ومكانتها في التشريع ومنزلتها من كتاب الله تعالى وعلاقتها به كل هذه المسائل قُتلت بحثا، وأمعن الناس دراستها، وأسهبوا في بسطها، شأنها في ذلك شأن بقية الموضوعات المتصلة بالكتاب والسنة.

فلقد حشد الله لكتابه ولسنة نبيه الكثير من الجهود جمع على مائدتهما الفينانة قلوب الكثيرين, يجمعون ويحصلون ويقعدون ويأصلون ويهذبون ويرتبون ويقومون وينظمون، وقل أن تجد لاحقا إلا وله استدراك على من سبقه، مما كان له الأثر البعيد في إثراء الفكر وتكوين تراث خالد، أتاح الفرصة لمن جاء بعد لأن ينهل من هذا الموروث الخالد, ولا عليه إلا أن يعب من هذا المزاج الخالص السائغ للقارئين النهمين.

فطالب التفسير يمكن له أن يشفي علته، وأن يروي غلته في تلك الدراسات القرآنية المتشعبة بأصحابها، والمنوعة لهم إلى باحث عن أسباب للنزول، وآخر يبحث عن الناسخ والمنسوخ، وثالث يطلب معرف مكي الآيات من مدنيها، ورابع يتوق إلى إبراز وجوه الإعجاز وإظهار الصور

<<  <   >  >>