للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- مدرسة الكوفة:

فإذا تركنا بلاد الحجاز التي أشرق منها نور الإسلام، وذهبنا معه بحيث امتد، فتوقفنا في الكوفة, تلك التي كوفها سعد بن أبي وقاص، وبناها فصارت مركز إشعاع فكري بعد فتح بلاد فارس، علمنا ما كان للكوفة والبصرة من أثر فعال في انتشار الإسلام فيما وراء النهر.

وقد نزل الكوفة عدد كبير من الصحابة، وقيل: نزلها ثلاثمائة من أصحاب بيعة الرضوان، وسبعون بدريا من أشهرهم علي بن أبي طالب, وسعد بن أبي وقاص, وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل١، وعبد الله بن مسعود الذي آثر به عمر بن الخطاب أهل الكوفة على نفسه، ومن منزلته من كتاب الله، ومكانته في القراءة حدث ولا حرج, فمن سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرؤه على قراءة ابن أم عبد.

ولقد تخرج في هذه المدرسة عدد كبير من أجلة التابعين على رأسهم عامر بن شرحبيل الشعبي وسعيد بن جبير الأسدي٢ وغيرهما.


١ أحد العشرة المبشرين بالجنة, وأحد السابقين, أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم, ولم يتخلف إلا عن بدر لكونه خارج المدينة أوانها, وكان مجاب الدعوة, وهو زوج فاطمة بنت الخطاب, وأبوه جد الحنفاء, وشارك سعيد في غزوة اليرموك وفتح دمشق, توفي بالعقيق, ونقل إلى المدينة سنة إحدى أو اثنتين أو خمس وخمسين عن بعض وسبعين سنة. الإصابة ج٢، ص٤٦.
٢ ابن هشام الأسدي والوالبي أبو محمد أو أبو عبد الله الكوفي, كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن الدهماء؟ يعنيه. شجاعته في الحق وصلابته في التمسك به مستفيضة, قتله الحجاج صبرا سنة اثنتين وتسعين, وهو ابن تسع وأربعين سنة. طبقات ابن سعد ج٦، ص١٧٨، وتهذيب التهذيب ج٤، ص١١, وتذكرة الحفاظ ج١، ص٧٦، والمعارف ص٤٤٥.

<<  <   >  >>