للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثالث: الحياة الدينية]

[الفصل الأول: معبودات الحجازيين وعاداتهم الدينية]

كانت ديانات العرب الحجازيين١ متعددة: فمنهم من عبد الأوثان وصورها بشتى الأشكال، يصنعونها بأيديهم من ذهب أو حجر أو خشب ثم يقفون أمامها خاشعين، ويقدمون لها القرابين، ويستنصرون بها على الأعداء، ويستشيرونها في المهام، فإن أمرت بشيء فعلوه وإلا كفوا عنه وتركوه، حتى تأذن لهم فيه، ومما يدعو إلى الضحك والرثاء، ما حكي من أن بني حنيفة اتخذت لها صنما من حيس، عبدته مدة طويلة، ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه، فقال الشاعر يعيرهم:

أكلت حنيفة ربها ... زمن التقحم والمجاعة

لم يحذروا من ربهم ... سوء العواقب والتباعة

وكان منهم فريق عبدوا الشعرى، وردّ الله تعالى عليهم بقوله: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} ، وحكى القرآن عبادة فريق للجن والملائكة، فقال: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} الآية. وكانت الزندقة في قريش أخذوها من الحيرة، ومن صورها قول شاعر قرشي:

يحدثنا الرسول بأن سنحيا ... وكيف حياة أصداء وهام؟


١ راجع الأصنام للكلبي, الميثولوجيا عند العرب لمحمود سليم الحوت, الحياة الأدبية في العصر الجاهلي ٢/ ٢٧٨, شفاء الغرام للفاسي.

<<  <   >  >>