للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: الخطب والوصايا]

تمهيد:

الخطابة فن من فنون النثر، ولون من ألوانه، وهي فن مخاطبة الجمهور الذي يعتمد على الإقناع والاستمالة والتأثير، فهي كلام بليغ يلقى في جمع من الناس لإقناعهم برأي, أو استمالتهم إلى مبدأ، أو توجيههم إلى ما فيه الخير لهم في دنيا أو آخرة.

والخطابة ضرورية لكل أمة في سلمها وحربها؛ فهي أداة الدعوة إلى الرأي والتوجيه إلى الخير، ووسيلة الدعاة من الأنبياء والمرشدين, والزعماء والمصلحين، فهي ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية.

وإنما تقوى الخطابة ويرتفع صوتها في زمن الحرية، وفي ظلال الديمقراطية، حيث تستطيع الأمة أن تتنفس بآمالها ومشاعرها، وتنطلق من قيود الذل والظلم، إلى حيث تتكلم أفواهها بما تجيش به الخواطر، وتضطرم به النفوس، وتتجه إليه الآمال, ففي ظلال الحرية تتقارع الآراء، وتتصارع الأفكار، وتتنازع المبادئ، وتتنافس المذاهب، وتتعدد الخصومات، وفي ذلك كله غذاء للخطابة ومدد لها وداعٍ إليها.

والخطابة إما سياسية أو اجتماعية أو دينية، وقد ازدهرت في العصر الحديث الخطابة القضائية والبرلمانية. وفن الخطابة قديم وُجد في الأمم القديمة كقدماء المصريين واليونان والرومان.

وكان للخطابة شأن عظيم في العصر الجاهلي، وكان للخطيب مركز ممتاز لا يقل عن مركز الشاعر، حتى إن أبا عمرو بن العلاء يقول: إن الخطيب في الجاهلية كان فوق الشاعر١.


١ ١٧٠ ج١ البيان والتبيين.

<<  <   >  >>