للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثاني: الشعر الحجازي بين الصحة والوضع]

[مدخل]

...

[الباب الثاني: الشعر الحجازي بين الصحة والوضع]

١- الوضع والنحل من الظواهر الأدبية التي لا تقتصر على أمة دون أمة، ولا عصر دون عصر، ولا جيل دون جيل، وإنما هي ظاهرة عامة تشمل الأجيال كافة، والعصور جميعا، حتى العصر الحديث؛ عصر العلم والحضارة, فهو لم يخل من هذه الظاهرة.

وقد سطا لصوص الأدب -ولا يزالون يسطون- على تراث الأموات, بل وتراث الأحياء على السواء، وادعوه لأنفسهم دون خجل أو حياء. وفي عصرنا الحاضر نرى أن قصة ما أو مقالة أو قصيدة قد تنسب لغير كاتبها أو ناظمها؛ لغرض التعمية, أو التنادر، أو الإغاظة، أو الخوف، أو السرقة، أو غير ذلك من الأغراض مما نشاهده في حياتنا الأدبية الحاضرة.

وظاهرة النحل والانتحال، قد عرفت في الأدب العربي منذ عهد بعيد؛ عرفتها عهود الإسلام الأولى، بل وعرفتها الجاهلية نفسها، فقد قال أبو عبيدة: كان قراد بن حنش من شعراء غطفان، وكان جيد الشعر قليله، وكان شعراء غطفان تغير على شعره فتأخذه وتدعيه، منهم زهير بن أبي سلمى ادعى هذه الأبيات:

إن الرزية لا رزية مثلها ... ما تبتغي غطفان يوم أضلت

إن الركاب لتبتغي ذا مرة ... بجنوب نخل إذا الشهور أحلت

ولنعم حشو الدرع أنت لنا إذا ... نهلت من العلق الرماح وعلت

ينعون خير الناس عند كريهة ... عظمت مصيبتهم هناك وجلت١


١ طبقات فحول الشعراء: ٥٦٨, ٥٦٩.

<<  <   >  >>