للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوة الحافظة عند الشيخ "رحمه الله":

كان شيخنا "رحمه الله" يتمتّع بحافظة قويّة؛ وهاك ما كتبَه الشيخ محمد المجذوب "رحمه الله" في ذلك في كتابه: "علماء ومفكِّرون عرفتُهم": في رحلة جامعية صحبناه فيها إلى ينبع "على السّاحل ما بين مكّة والمدينة"، وفي إحدى الندوات العلمية بالمخيَّم استمعنا إلى فضيلته يحدِّثنا عن فاتحة الكتاب؛ وأشهد: لقد تدفّق كالسيل الهادر، يقذف أفانين الدرر؛ فما تلكّأ ولا ارْتج عليه، فكأنّما يقرأ في كتاب، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من كنوز هذه السورة؛ فهو يتحف سامعيه من هذه الكنوز بما تتّسع له المناسبة.

وربّما أورد خلال حديثه ما يتّسع لأكثر من تفسير فاكتفى بوجهة منه لا يقرّه عليها بعض الحضور، لكنه لم يدع قلبًا هناك إلاّ ملاه رضىً وانفعالاً وإعجابًا.

وبعد عام أو أكثر حدّثني فضيلة الشيخ الأستاذ محمد الصبّاغ "المدرِّس في جامعة الرياض" عن مثل إعجابنا به؛ وذلك أنّه سمعه يحاضر في مخيّم الجامعة عن معاني الفاتحة فسحَر وبهَر.

وقد لاحظتُ من خلال حديث الأستاذ الصبّاغ ما خيّل إليّ أنني أقع على ميزة أخرى للشيخ حماد: هي قوة الحافظة التي تسعفه باستحضار كلّ ما يعلمه عن الموضوع الواحد في المناسبات المتباعدة؛ وهي ميزة يكاد ينفرد بها بعض المتفوِّقين من علماء الإسلام في أفريقية الغربية، وهي بقيّة من الخصائص التي عرفت في سلف هذه الأمة، حتى كان منهم مَن يحفظ نصف مليون حديث بأسانيدها، وقصّة الإمام البخاري مع علماء بغداد أشهرُ من أتُذكر في هذا الصدد ... " انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>