للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تخلف علي١ رضي الله عنه عن البيعة]

قال الزهري: بقي علي وبنو هاشم والزبير ستة أشهر لم يبايعوا أبا بكر حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها فبايعوه وكانت فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فأبى أبو بكر أن يدفع إليها شيئا؛ لأن رسول الله قال: "لا نورث ما تركناه صدقة" فوجدت فاطمة على أبي بكر الصديق في ذلك ولم تكلمه حتى توفيت٢.

وقد كان علي رضي الله عنه يرى أنه أحق بالخلافة من أبي بكر لقرابته من رسول الله، لذلك فقد تخلف عن البيعة مع أن رسول الله لما مرض وتعذر عليه الخروج إلى الصلاة، قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" فقالت له عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء. قال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس" فعاودته مثل مقالتها، فقال: "إنكن صواحبات يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس" ٣.

وفي تقديمه أبا بكر للصلاة إشارة إلى أنه الخليفة بعده. قال الزبير: لا أغمد سيفا حتى يبايع علي، فقال عمر: خذوا سيفه واضربوا به الحجر، ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة، وقيل لما سمع علي ببيعة أبي بكر خرج في قميصه ما عليه إزار، ولا رداء عجلا حتى يبايعه ثم استدعى إزاره ورداءه فتجلله، قال ابن الأثير: والصحيح أن أمير المؤمنين ما بايع إلا بعد ستة أشهر٤.

وممن تخلف عن بيعة أبي بكر عتبة بن أبي لهب، وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذر، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب وأبي بن كعب ومالوا مع علي، وتخلف أيضا أبو سفيان من بني أمية.


١- الطبقات الكبرى: ٢/٣١٥، الرياض النضرة: ٢/١٩٩.
٢- تاريخ الطبري: ٢/٢٣٦.
٣- أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، حد المريض أن يشهد الجماعة " الحديث: ٦٦٤".
٤- تاريخ اليعقوبي: ٢/١٢٦، وسير أعلام النبلاء: ١٤/٤٥١.

<<  <   >  >>