للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ [ (٥) ] ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّه بْنُ أبي بن سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّه بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّه بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ [ (٦) ] ، خَمَّرَ [ (٧) ] ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا.

فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ أُبَيٍّ بن سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا [ (٨) ] بِهِ فِي مَجَالِسِنَا ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّه، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، وَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ [ (٩) ] ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَيَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ يُرِيدُ عَبْدَ اللَّه بْنَ أُبَيٍّ؟» قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّه اعف عنه واصفح، فو الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّه بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ [ (١٠) ] عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا رَدَّ اللَّه بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ [ (١١) ] بِذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي فَعَلَ بِهِ ما


[ (٥) ] في مسلم: «وذاك قبل وقعة بدر» .
[ (٦) ] (عجاجة الدابة) : ما ارتفع من غبار حوافرها.
[ (٧) ] (خمّر انفه) : «غطاه» .
[ (٨) ] (ص) و (هـ) : «تؤذينا» .
[ (٩) ] مسلم: «يتواثبوا» .
[ (١٠) ] القرية ويريد هنا مدينة النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلّم.
[ (١١) ] (شرق بذلك) أي: غصّى حسدا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وسلّم.