للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْهِ، فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْتَ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ [ (٤) ] إِلَى أَمْرِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ، فَقَالَ أَبُو الْبَرَاءِ: أَنَا لَهُمْ جَارٌ فَابْعَثْهُمْ فَلْيَدْعُوا النَّاسَ إِلَى أَمْرِكَ.

فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو الْمُعْنِقُ [ (٥) ] . لِيَمُوتَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ: الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فِي رِجَالٍ مُسْلِمِينَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ.

فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ وحرّة بني سليم، كلى الْبَلَدَيْنِ مِنْهَا قَرِيبٌ، وَهِيَ إِلَى حَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ أَقْرَبُ، فَلَمَّا نَزَلُوهَا بَعَثُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَدُوِّ اللهِ: عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمَّا أَتَاهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي كِتَابِهِ، حَتَّى عَدَا عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ اسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا إِلَى مَا دَعَاهُمْ، وَقَالَ: لَنْ يُخْفِرَ [ (٦) ] أَبَا بَرَاءٍ، وَقَدْ عقد لهم عقدا


[ () ] (وهو الذي يلقب فارس قرزل) كان قد أسلمه في هذا اليوم وفر، فقال في ذلك بعض الشعراء:
فررت وأسلمت ابن أمّك عامرا ... يلاعب أطراف الوشيج المزعزع
فسمى ملاعب الرماح وملاعب الأسنة، وكان له اخوة اربعة: أحدهم طفيل فارس قرزل، والآخر ربيعة والدلبيد بن ربيعة وكان يلقب ربيعة المعترين، والثالث عبيدة الوضاح، والرابع معاوية معود الحكماء.
[ (٤) ] سيرة ابن هشام: «فدعوهم» .
[ (٥) ] في (أ) : «المنذر المعنق» ، وأثبتّ ما في (ص) و (ح) ، وفي سيرة ابن هشام «الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، أَخُو بَنِي ساعدة المعنق» . والمعنق: المسرع، وإنما لقب المنذر بذلك لأنه اسرع الى الشهادة.
[ (٦) ] لن نخفر: لن ننقض عهده.