للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجْلَاهُمْ وَهُمْ [أَهْلُ] جَدِّ يَهُودَ، كَانُوا أَهْلَ عِدَّةٍ وَسِلَاحٍ وَنَجْدَةٍ، فَحَصَرَهُمْ فَلَمْ يُخْرِجْ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ رَأْسَهُ حَتَّى سَبَاهُمْ فَكُلِّمَ فِيهِمْ فَتَرَكَهُمْ عَلَى أَنْ أَجْلَاهُمْ مِنْ يَثْرِبَ، يَا قَوْمُ! قَدْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ فَأَطِيعُونِي، وَتَعَالَوْا نَتَّبِعْ مُحَمَّدًا فو الله إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَبِيُّ وَقَدْ بَشَّرَنَا بِهِ، وَبِأَمْرِهِمْ: ابْنُ الْهَيِّبَانِ أَبُو عُمَيْرٍ، وَابْنُ حِرَاشٍ وَهُمَا أَعْلَمُ يَهُودَ جَاءَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَتَوَكَّفَانِ قدومه وأمرنا بِاتِّبَاعِهِ، وَأَمَرَانَا أَنْ نُقْرِئَهُ مِنْهُمَا السَّلَامَ، ثُمَّ مَاتَا عَلَى دينهما ودفنّا هما بِحَرَّتِنَا هَذِهِ.

فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ، فَأَعَادَ هَذَا الْكَلَامَ وَخَوَّفَهُمْ [ (٥) ] بِالْحَرْبِ وَالسِّبَاءِ وَالْجَلَاءِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا: قَدْ وَالتَّوْرَاةِ قَرَأْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِ بَاطَا التَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، لَيْسَ فِي الْمَثَانِي الَّذِي أَحْدَثْنَا، قَالَ:

فَقَالَ لَهُ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ: مَا يَمْنَعُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنِ اتِّبَاعِهِ، قَالَ: أَنْتَ، قَالَ: كَعْبٌ: وَلِمَ وَالتَّوْرَاةِ مَا حُلْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَطُّ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنْتَ صَاحِبُ عَهْدِنَا وَعَقْدِنَا، فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ اتَّبَعْنَاهُ، وَإِنْ أَبَيْتَ أَبَيْنَا، فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى عَلَى كَعْبٍ فَذَكَرَ مَا تَقَاوَلَا فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ كَعْبٌ: مَا عِنْدِي فِي أَمْرِهِ إِلَّا مَا قُلْتَ مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أَصِيرَ تابعا [ (٦) ] .


[ (٥) ] (ص) و (أ) : «تخوّفهم» .
[ (٦) ] الواقدي (٤٠٣- ٥٠٤) باختلاف يسير، وعن المصنف نقله الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٤: ٨٠- ٨١) ، وقال: «رواه البيهقي» ، وقد نقله أيضا الصالحي في السيرة الشامية (٤: ٤٦٣- ٤٦٥) ، وجاء بعدها ما يلي:
فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى على كعب فقال: أما والتوراة الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى يوم طور سينا إنه للعزّ والشّرف في الدنيا، وإنه لعلى منهاج موسى، وينزل معه وأمته غدا في الجنة. قال كعب:
نقيم على عهدنا وعقدنا فلا يخفر لنا محمد ذمّة، وننظر ما يصنع حييّ، فقد أخرج إخراج ذلّ وصغار، فلا أراه يقرّ حتى يغزو محمدا، فإن ظفر بمحمد فهو ما أردنا، وأقمنا على ديننا وإن ظفر بحيى فَمَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ، وتحوّلنا من جواره.
قال عمرو بن سعدى: ولم نؤخّر الأمر وهو مقبل؟ قال كعب: ما على هذا فوق، متى أردت