للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَلَامِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحِي مِنَ الْإِكْثَارِ لِمَا أَعْطَانَا، أَقُولُ هَذَا لِأَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ قَوْلِنَا وَأَمْرٍ أَفْضَلَ مِنْ أَمْرِنَا، ثُمَّ جَلَسَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ: قُمْ فَأَجِبْهُ،

فَقَامَ فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ خَلْقُهُ قَضَى فِيهِنَّ أَمْرَهُ، وَوَسِعَ كُرْسِيُّهُ، عِلْمَهُ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَطُّ إِلَّا مِنْ فَضْلِهِ، ثُمَّ كَانَ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ جَعَلَنَا مُلُوكًا، وَاصْطَفَى مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ رَسُولًا أَكْرَمَهُ نَسَبًا، وَأَصْدَقَهُ حَدِيثًا، وَأَفْضَلَهُ حَسَبًا، فانزل عليه كتابه، وَائْتَمَنَهُ عَلَى خَلْقِهِ، فَكَانَ خِيرَةَ اللهِ مِنَ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللهِ فَآمَنَ بِهِ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قَوْمِهِ، وَذَوِي رَحِمِهِ أَكْرَمُ النَّاسِ أَحْسَابًا وَأَحْسَنُهُمْ وُجُوهًا، وَخَيْرُ النَّاسِ فِعْلًا، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ الْخَلْقِ إِجَابَةً، وَاسْتَجَابَ اللهُ حِينَ دَعَاهُ رَسُولُ اللهِ [صَلَّى اللهُ عليه وسلم] [ (١) ] ، نَحْنُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ [ (٢) ] وَوُزَرَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، فَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ مَنَعَ مَالَهُ وَدَمَهُ، وَمَنْ نَكَثَ جَاهَدْنَاهُ فِي اللهِ أَبَدًا، وَكَانَ قَتْلُهُ عَلَيْنَا يَسِيرًا. أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ.

ثُمَّ ذَكَرَ قِيَامَ الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ وَإِنْشَادَهُ [ (٣) ] ، وَجَوَابَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ [ (٤) ] إِيَّاهُ.


[ (١) ] من (أ) فقط.
[ (٢) ] في الأصول: «فنحن أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم» وأثبتنا ما في سيرة ابن هشام ليتسق المعنى.
[ (٣) ] من قصيدة مطلعها:
نحن الكرام فلا حيّ يعادلنا ... منا الملوك وفينا تنصب البيع
وكم قسرنا من الأحياء كلهم ... عند النّهاب وفضل العزّ يتّبع
ونحن نطعم عند القحط مطعمنا ... من الشّواء إذا لم يؤنس القزع
[ (٤) ] وهي قصيدة حسان الرائعة الشهيرة:
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بيّنوا سنّة للنّاس تتّبع
يرضى بهم كلّ من كانت سريرته ... تقوى الإله وكلّ الخير يصطنع
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا