للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حِيطَانِهَا وَنَخْلِهَا، قُلْنَا: لَوْ نَزَلْنَا فَلَبِسْنَا ثِيَابًا غَيْرَ هَذِهِ إِذَا رَجُلٌ فِي طِمْرَيْنِ [ (٥) ] لَهُ فَسَلَّمَ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا مِنَ الرَّبَذَةِ، قَالَ: وَأَيْنَ تُرِيدُونَ قُلْنَا نُرِيدُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ، قَالَ: مَا حَاجَتُكُمْ فِيهَا قُلْنَا نَمْتَارُ مِنْ تَمْرِهَا، قَالَ [ (٦) ] : وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ [ (٧) ] لَنَا وَمَعَهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ مَخْطُومٌ، فَقَالَ: أَتَبِيعُونَ جَمَلَكُمْ هَذَا؟ قَالُوا نَعَمْ بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ: فَمَا اسْتَوْضَعَنَا مِمَّا قُلْنَا شَيْئًا، فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ فَانْطَلَقَ، فَلَمَّا تَوَارَى عَنْهُ بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَنَخْلِهَا، قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا وَاللهِ مَا بِعْنَا جَمَلَنَا مِمَّنْ نَعْرِفُ، وَلَا أَخَذْنَا لَهُ ثَمَنًا،

قَالَ: تَقُولُ الْمَرْأَةُ الَّتِي مَعَنَا:

وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ وَجْهَهُ شَقَّةُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَنَا ضَامِنَةٌ لِثَمَنِ جَمَلِكُمْ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ، هَذَا تَمْرُكُمْ فَكُلُوا وَاشْبَعُوا وَاكْتَالُوا وَاسْتَوْفُوا، فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، وَاكْتَلْنَا وَاسْتَوْفَيْنَا، ثُمَّ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَأَدْرَكْنَا مِنْ خُطْبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ خَيْرٌ لَكُمْ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ وَأَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ أَوْ قَالَ:

رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَنَا فِي هَؤُلَاءِ دِمَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ:

«إِنَّا لَا نَجْنِي عَلَى وَلَدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» .

وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقٍ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ فِيهِ: قَالَتِ الظَّعِينَةُ: فَلَا تَلَاوَمُوا فَلَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ لَا يَغْدِرُ بِكُمْ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ.


[ () ] دارسة لا يعرف بها رسم، وهي عن المدينة في جهة الشرق على طريق حاج العراق نحو ثلاثة أيام هكذا أخبرني به جماعة من أهل المدينة في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.
[ (٥) ] طمرين بكسر الطاء أي ثوبين خلقين أو كساءين باليين من غير الصوف.
[ (٦) ] القائل هو طارق بن عبد الله.
[ (٧) ] الظعينة امرأة في هودج سميت بذلك ولو كانت في بيتها لأنها تصير مظعونة أي يظعن بها زوجها.