للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضَّبَّ مِنْ كُمِّهِ وَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا ضَبُّ! فَأَجَابَهُ الضَّبُّ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يَسْمَعُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا زَيْنَ مَنْ وَافَى الْقِيَامَةَ، قَالَ: مَنْ تَعْبُدُ يَا ضَبُّ؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشِهِ، وَفِي الْأَرْضِ سُلْطَانِهِ، وَفِي الْبَحْرِ سَبِيلِهِ، وَفِي الْجَنَّةِ رَحْمَتِهِ، وَفِي النَّارِ عِقَابِهِ، قَالَ: فَمَنْ أَنَا يَا ضَبُّ؟ قَالَ: رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ صَدَّقَكَ، وَقَدْ خَابَ مَنْ كَذَّبَكَ، قَالَ الْأَعْرَابِيُّ:

لَا أَتْبَعُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ [وَاللهِ] [ (١) ] لَقَدْ جِئْتُكَ وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْكَ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَالِدَيَّ، وَمِنْ عَيْنَيَّ، وَمِنِّي، وَإِنِّي لَأُحِبُّكَ بِدَاخِلِي وَخَارِجِي وَسِرِّي وَعَلَانِيَّتِي: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ بِي، إِنَّ هَذَا الدِّينَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى، وَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِصَلَاةٍ، وَلَا تُقْبَلُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِقُرْآنٍ. قَالَ: فَعَلِّمْنِي فَعَلَّمَهُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ: زِدْنِي فَمَا سَمِعْتُ فِي الْبَسِيطِ وَلَا فِي الرَّجَزِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا. قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ! إِنَّ هَذَا كَلَامَ اللهِ لَيْسَ بِشَعْرٍ، إِنَّكَ إِنْ قَرَأْتَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّةً كَانَ لَكَ كَأَجْرِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَإِنْ قَرَأْتَ مَرَّتَيْنِ كَانَ لَكَ كَأَجْرِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ، وَإِذَا قَرَأْتَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَانَ لَكَ كَأَجْرِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نِعْمَ الْإِلَهُ إِلَهًا يَقْبَلُ الْيَسِيرَ وَيعْطِي الْجَزِيلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَكَ مَالٌ» ؟ قَالَ: فَقَالَ مَا فِي بَنِي سُلَيْمٍ قَاطِبَةً رَجُلٌ هُوَ أَفْقَرُ مِنِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ:» أَعْطُوهُ، فَأَعْطُوهُ حَتَّى أَبْطَرُوهُ، فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لَهُ عِنْدِي نَاقَةً عُشَرَاءَ دُونَ الْبُخْتِيَّةِ وَفَوْقَ الْأَعْرَى، تَلْحِقُ وَلَا تُلْحَقُ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ يَوْمَ تَبُوكَ أَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَدْفَعُهَا إِلَى الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: قَدْ وَصَفْتَ نَاقَتَكَ فَأَصِفُ مَا لَكَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَكَ


[ (١) ] ليست في (ح) .