للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شِرَاءِ كَفَنِهِ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ- أَوْ قَالَ: الْبَيْتِ- وَقَدْ كَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقُلْنَا: أَبَعْدَ الْمَوْتِ؟! قَالَ: نَعَمْ إِنِّي قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي بَعْدَكُمْ فَتَلَقَّانِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ وَكَسَانِي ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ وَإِنِّي لَقِيتَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَقَدْ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَبْرَحَ حَتَّى آتِيَهُ فَعَجِّلُوا بِي وَلَا تَجِسُّونِي وَالْأَمْرُ أَيْسَرُ مِمَّا فِي أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَغْتَرُّوا.

قَالَ: فَمَا شَبَّهْتُ نَفْسَهُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَّا حَصَاةً أَلْقَيْتُهَا فِي مَاءٍ فَرَسَبَتْ.

قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: قَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَوْتِهِ [ (١) ] .

وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا سريج ابن يُونُسَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْغَطَفَانِيُّ وَحَفْصُ بْنُ يَزِيدَ قَالَا بَلَغَنَا ابْنَ حِرَاشٍ كَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْحَكَ أَبَدًا حَتَّى يَعْلَمَ هُوَ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فِي النَّارِ فَمَكَثَ كَذَلِكَ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ يَضْحَكُ حَتَّى مَاتَ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. فَقَالَتْ: صَدَقَ أَخُو بَنِي عَبْسٍ- رَحِمَهُ اللهُ- سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَتَكَلَّمُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ خَيْرِ التَّابِعِينَ.

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا مُطَيَّنٌ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ التَّغْلِبِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ: مَاتَ الرَّبِيعُ فَسَجَّيْتُهُ فَضَحِكَ فَقُلْتُ: يَا أَخِي أَحْيَاةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ؟! قَالَ: لَا وَلَكِنِّي لَقِيتُ رَبِّي- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَلَقِيَنِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَوَجْهٍ غَيْرِ غَضْبَانَ فَقُلْتُ: كَيْفَ رَأَيْتَ الْأَمْرَ؟ قَالَ: يَسِيرٌ وَلَا تَغْتَرُّوا. قَالَ فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ قَالَتْ: صَدَقَ رِبْعِيٌّ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ الْمَوْتِ [ (٢) ] .


[ (١) ] رواه أبو نعيم في الحلية (٤: ٣٦٧) .
[ (٢) ] حلية الأولياء: الموضع السابق.