للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واضحة فِي وقوفه بين يدي ربه، وخشوعه وانكساره، عِنْدَمَا يتجه إليه فِي عبادته، ويقف خاضعًا ذليلاً بين يدي العزيز الحكيم.

عباد الله من حافظ على الصَّلاة فهو السَّعِيد الرابح، ومن أضاعها فهو الشقي الخاسر، وإن اللبيب العاقل من إِذَا حضر للصلاة اقبل بقَلْبهُ وقالبه، وطرح الدُّنْيَا وشؤنها ومتعلقاتها جانبًا وتدبر ما يتلوه إن كَانَ وحده أَوْ إمامًا. وأنصت وأحضر قَلْبهُ إن كَانَ مأمومًا وتفهم ما يسمَعَ وابتهل وتضرع إِلَى مولاه.

(موعظة) : عباد الله إن الخشوع فِي الصَّلاة هُوَ روحها، والمحور الَّذِي تدور عَلَيْهِ سائر أفعالها، والخشوع فيها مَعَ الإِخْلاص لله آية الإِيمَان وسبب الفلاح وأمان من وساوس الشيطان. ألا وإن الصَّلاة بلا خشوع كجسد بلا روح قَالَ ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (لَيْسَ لَكَ من صلاتك إلا ما عقُلْتُ مَنْهَا) .

وَفِي المسند مرفوعًا: «إن الْعَبْد ليصلي الصَّلاة ولم يكتب لَهُ إلا نصفها أَوْ ثلثها أَوْ ربعها حَتَّى بلغ عشرها» . وقَدْ علق الله فلاح المصلين بالخشوع فِي صلاتهم فدل على أن من لم يخشع فلَيْسَ من أَهْل الفلاح ولو اعتد لَهُ بها ثوابًا لكَانَ من المفلحين هكَذَا قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء.

قَالُوا: وأما الاعتداد بها فِي أحكام الدُّنْيَا وسقوط الِقَضَاءِ فَإِنَّ غلب الخشوع وتعقلها اعتد بها إجماعًا، وكَانَتْ السُّنَن والأذكار وعقبها جوابر ومكملات لنقصها، وإن غلب عَلَيْهِ عدم الخشوع فيها وعدم تعلقها.

فقَدْ اختلف الْعُلَمَاء فِي وجوب إعادتها واحتجوا بأنها صلاة لا يثاب عَلَيْهَا، ولم يضمن لَهُ فيها الفلاح فلم تبرأ ذمته مَنْهَا، ويسقط الِقَضَاءِ عَنْهُ كصلاة المرائي قَالُوا: ولأن الخشوع والعقل روح الصَّلاة، ومقصوها ولبها،

<<  <  ج: ص:  >  >>