للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصالحين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

" فَصْلٌ ": قَالَ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: الْقَلْب فِي سيره إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه والخوف والرجَاءَ جناحاه فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران ومتى قطع الرأس مَاتَ الطائر متى فقَدْ الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر.

وقِيْل أكمل الأَحْوَال الاعتدال.أهـ. قَالَ الله تَعَالَى مخبرًا عَنْ أوليائه وأصفيائه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} وقَالَ تَعَالَى: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

وقِيْل: إن كَانَ الغالب على الْقَلْب الأمن من مكر الله فالخوف أفضل وَكَذَا إن كَانَ الغالب على الْعَبْد المعصية، وإن كَانَ الغالب عَلَيْهِ اليأس والقنوط فالرجَاءَ أفضل.

والَّذِي تطمئن إليه النفس سلوك الاعتدال إلا عَنْدَ فراق الدُّنْيَا فيغلب جانب الرجَاءَ.

لما ورد عَنْ جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه سمَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام يَقُولُ: «لا يموتن أحدكم إلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ» . رَوَاهُ مُسْلِم.

وقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام: «قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عَنْدَ ظن عبدي بي وأنَا معه حيث ذكرني» . الْحَدِيث رَوَاهُ الْبُخَارِيّ ومسلم مِنْ حَدِيثِ أبي هريرة وقَدْ رئي بَعْضهمْ بعد موته فسئل عَنْ حاله فأنشد:

شِعْرًا: ... نُقِلْتُ إِلَى رِمْسِ الْقُبُورِ وَضِيقَهَا ... وَخَوْفِي ذُنُوبِي أَنَّهَا بِي تَعْثُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>