للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي اللَّيَالِي وَفِي الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ ... يَزْدَادُ فِيهَا أُوُلو الأَلْبَابِ أَلْبَابَا

بَعْدَ الشَّبَابِ يَصِير الصُّلْبُ مُنْحَنِيًا ... وَالشَّعْرُ بَعْدَ سَوَادٍ كَانَ قَدْ شَابَا

يُفْنِي النُّفُوسَ وَلا يُبْقِي عَلَى أَحَدٍ ... لَيْلٌ سَرِيعٌ وَشَمْسٌ كَرُّهَا دَابَا

لِمُسْتَقَرٍّ وَمِيقَاتٍ مُقَدَّرَةٍ ... حَتَّى يَعُودَ شُهُودُ النَّاسِ غُيَّابَا

وَمَنْ تُعَاقِرهُ الأَيَّامُ تَبْدِ لُهُ ... بِالْجَارِ جَارًا وَبِالأَصْحَابِ أَصْحَابَا

خَلَّوا بُرُوجًا وَأَوْطَانًا مُشَدِّةً ... وَمُؤْنِسِينَ وَأَصْهَارًا وَأَنْسَابَا

فَيَا لَهُ سَفَرًا بُعْدًا وَمُغْتَرَبًا ... كُسِيتَ مِنْهُ لِطُولِ النَّأْيِ أَثْوَابَا

بِمُوحِشِ ضَيِّقٍ نَاءٍ مَحَلَّتُهُ ... وَلَيْسَ مِنْ حَلَّهُ مِنْ غَيْبَةٍ آبَا

كَمْ مِنْ مَهِيبٍ عَظِيم الْمُلْكِ مُتَّخِذٍ ... دُونَ السُّرَادِقِ حُرَّاسًا وَحُجَّابَا

أَضْحَى ذَلِيلاً صَغِيرَ الشَّأْنِ مُنْفَرِدًا ... وَمَا يُرَى عِنْدَهُ فِي الْقَبْرِ بَوَّابَا

وَقَبْلَكَ النَّاسُ قَدْ عَاشُوا وَقَدْ هَلَكُوا ... فَأَضْرَبَ الْحيُّ عَنْ ذِي النَّأْيِ إِضْرَابَا

يَا أَيُّهَا الرَّاحِلُ النَّاسِي لِمَصْرَعِهِ ... أَصْبَحْتَ مِمَّا سَتَلْقَى النَّفْسُ هَرَّابَا

اكدحْ لِنَفْسِكَ مِنْ دَارِ تُزَايِلُهَا ... وَلا تَكُنْ لِلَّذِي يُؤْذِيكَ طَلابَا

والله أعلم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(فَصْل في ذَمِّ طُوْلِ الأَمَلِ وَالحَثِّ عَلَى تَقْصِيْرِهِ)

اعلموا معشر الإخوان وفقنا الله وإياكم وأيقظ قلوبنا من الغفلة ورزقنا وإياكم الاستعداد للنقلة من الدار الفانية إلى الدار الباقية أن من أضر الأشياء على الإنسان طول الأمل ومعنى ذلك استشعار طول البقاء في الدنيا حتى يغلب على القلب فيأخذ في العمل بمقتضاه.

شِعْرًا: ... تَأَهَّبْ لِلَّذِي لا بُدَّ مِنْهُ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ مِيعَادُ الْعِبَادِ

يَسُرَّكَ أَنْ تَكُونَ رَفِيقَ قَوْمٍ ... لَهُمْ زَادٌ وَأَنْتَ بِغَيْرِ زَادِ

آخر: ... فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُه ... سِوَى حَنُوطٍ غَدَاةَ الْبَيْنِ فِي خِرَقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>