للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نُقِرُ الْمَخْلُوقَ عَنْ عِلْمِ ذَاتِهِ

وَعَنْ كَيْفَ كَانَ الأَمْرُ تَاه الْمُنَقِّرُ

وَلَوْ وَصَفَ النَّاسُ الْبَعُوضَةَ وَحْدَهَا

بِعِلْمِهُمُوا لَمْ يُحْكِمُوهَا وَقَصَّرُوا

فَكَيْفَ بِمَنْ لا يَقْدِرُ الْخَلْقُ قَدْرُهُ

وَمَنْ هُوَ لا يَفْنَى وَلا يَتَغَيَّرُ

اللهم اسلك بنا سبيل عبادك الأبرار ووفقنا للتوبة والاستغفار واحطط عنا ثقل الأوزار وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار يا عزيز يا غفار واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

(فَصْلٌ)

وقال في كتاب التوحيد المسمى الأدلة على الحكمة والتدبير:

تأمل هذه القوى التي في النفس وموقعها في الإنسان أعني الفكر والوهم والعقل والحفظ وغير ذلك أفرأيت لو نقص الإنسان من هذه الحفظ وحده كيف تكون حاله وكم من خلل يدخل عليه في أموره ومعاشه وتجارته إذا لم يحفظ ماله وما عليه وما أخذه وما أعطى وما رأى وما سمع وما قال وما قيل له ولم يذكر من أحسن إليه ممن أساء به وما نفعه مما ضره ثم كان لا يهتدي لطريق لو سلكه ما لا يحصى ولا يحفظ علمًا ولو درسه عمره ولا يعتقد دينًا ولا ينتفع بتجربة ولا يستطيع أن يعتبر شيئًا على ما مضى بل كان حقيقًا خليقًا أن ينسلخ من الإنسانية فانظر إلى الإنسان في هذه الخلال وكيف موقع الواحدة منها دون الجميع.

وأعظم من النعمة على الإنسان في الحفظ النعمة في النسيان فلولاه لما سلا أحد عن مصيبة ولا تَقَضَّتْ له حسرة ولا مات له حقد ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>