للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي شريح قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» . قيل من يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه» . رواه البخاري ومسلم فبين صلى الله عليه وسلم أن من هذا خلقه، وتلك دخيلته مع جاره غير مؤمن، وأكد ذلك بالحلف والتكرار ثلاث مرات.

وهل المؤمن إلا من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم وهل الإيمان إلا من الأمن؟ فإذا كَانَ الجار لجاره حربًا وعليه ضدا فكيف يكون من المؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله لقد كَانَ الواجب عليه أن يتفقد أمور جاره، ويساعده بكل مَا استطاع، ويعمل على جلب الخير له ودفع مَا يضره، حتى يكون فِي عيشة راضية وحياة طيبة، كما يعمل بعض الجيران المحسنين الذين يألفون ويؤلفون.

فقد يأنس الإنسان بجاره القريب أكثر مما يأنس بالنسيب فيحسن التعاون بينهما، وتكون الرحمة والإحسان بينهما، فإذا لَمْ يحسن أحدهما لصاحبه فلا خير فيهما لسائر الناس.

أَعِينُ أَخِي أَوْ صَاحِبِي فِي بَلائِهِ ... أَقُومُ إِذَا عَضَّ الزَّمَانُ وَأَقْعُدُ

وَمَنْ يُفْرِدُ الإِخْوَانَ فِيمَا يَنْوبُهُمْ ... تَنْبِهُ اللَّيَالِي مَرَّةً وَهُوَ مُفْرَدُ

فينبغي للجار أن يتعاهد جاره بإهداء مَا تيسر والصدقة والدعوة واللطافة به وإعانته والتوسيع عليه فِي معاملته وإقراضه، وعيادته وتعزيته عند المصيبة وتهنئته بما يفرحه، ويستر مَا انكشف له من عورة، ويغض بصره عن محارمه ويمنع أولاده وأهله من أذية أولاد جاره وأهلهم.

وإن بدا لهم حاجة قام بها، ولا يرفع على المذياع أو التلفزيون إن كَانَ يضرهم ويسهرهم وهو ممن ابتلى بهذا المنكر المحرم، ويعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>