للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن مزية العدل أن الجور الذي هو ضد العدل لا يتسبب إلا به فلو أن لصوصًا أو نحوهم تشارطوا فيما بينهم شرطًا فلم يراعوا العدالة فيه لَمْ ينتظم أمرهم. ومن فضلها أن كل نفس تتلذذ بسماعها وتتألم من ضدها ولذلك حتى الجائر يستحسن عدل غيره إذ رآه أو سمعه.

والعدل يدعو إِلَى الألفة والمحبة ويبعث على الطاعة وتعمر به البلاد وتنمي به الأموال ويكثر معه النسل ويأمن به السلطان لحصول الأمن العادل وانبساط الآمال.

عَلَيْكَ بِالْعَدْلِ إِنْ وُلِّيتَ مَمْلَكَةً ... وَاحْذَرْ مِنْ الْجورِ فِيْهَا غَايَةَ الْحَذَرِ

فَالْمَالُكْ يَبْقَى على عَدْلٍ الْكَفُورِ وَلاَ ... يَبْقَى مَعْ الْجَوْرِ فِي بَدْوِ وَلاَ حَضَرِ

وَقَدْ قال المرزبان رئيس المجوس لعمر رضي الله عنه لما رآه مبتذلاً لا حارس له: عدلت فأمنت فنمت.

وفي ذلك يقول الشاعر:

وَرَاعَ صَاحِبَ كِسْرَى أَنْ رَأَى عُمَرًا

بَيْنَ الرَّعِيَّةِ عُطْلاً وَهُوَ رَاعِيْهَا

وَعَهْدُهُ بِمُلُوْكِ الْفُرْسِ أَنَّ لَهَا

سُوْرًا مِنْ الْجُنْدِ وَالأَحْرَاسِ يَحْمِيهَا

رَآهُ مُسْتَرِقًا فِي نَوْمِهِ فَرَأَى

فِيْهِ الْجَلالَةَ فِي أَسْمَى مَعَانِيهَا

فَوْقَ الثَّرَى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلاً

بِبُرْدَةٍ كَادَ طُولُ الْعَهْدِ يُبْلِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>