للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ِبسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(فَصْلٌ)

" فيِ نماذج مِنْ الفِرَاسَةِ "

وكانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَهُ فِرَاسَةٌ مِنْ ذَلَكَ أَنَّهُ أُتيَ يَوماً بِفَتىً أمردٍ قد وُجِدَ قَتِيلاً مُلقىً علي الأرضِ فسأل عُمَرُ عن أَمْرِهِ واجتهدِ فَلَمْ يَقِفْ لَهُ عَلَى خَبَرٍ فشقَّ ذلكَ عَليه.

فَقَالَ: اللهُمَّ أَظْفِرنيِ بقَاتله حَتَّى إذا كان علي رأس الحَوْل وُجِدَ صَبِيٌّ مولودٌ مُلقىً بِمَوْضَع القتيل فأتي به عُمَرُ فَقَالَ: ظَفرتُ بِدَم القَتيْل إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى فدفع الصبي إلي امرأة ترضعه وتقوم بشأنه، وقَالَ: خُذِي مِنا نفقتهُ وانْظُريْ من يَأُخُذُهُ مِنكِ فإذا وجدتِ امرأةً تُقَبِلُهُ وتضمهُ إلي صدرِهَا فأعلِمينيْ بِمَكَانهِا.

فلما شبَّ الصَّبيُّ جَاءتْ جَاريةٌ فَقَالتْ للمرأةِ: إنَّ سَيَّدَتي بَعَثتنيْ إليكَ لتَبعثي بالصَّبيّ لتراهُ وترُدُّهُ إليْكِ. قَالَتْ: نَعَمْ إذهبي بِه إليهَا وَأنا مَعَكِ فَذَهَبتْ بالصبيَّ والمرأةُ مَعَهُ حتَّى دَخَلَتْ علي سيَّدتِهَا فلمَّا رَأتْهُ أخَذَتْهُ فَقَبَّلتْهُ وَضَمَّتْهُ إليْهَا.

فإذَا هِيَ ابنةُ شَيخٍ منْ الأَنْصَارِ مِنْ أصحابِ النبيّ ? فأتت عُمَرَ فخبَّرَتهُ فاشتملَ عَلى سيفِهِ ثُمَّ أقبَلَ إلى منزل المرأة فوجد أباها متكئاً علي البابِ فقالَ: يا فُلانُ ما فَعَلتْ ابنتُكَ فُلَانَةُ؟ قَالَ: جَزَاهَا الله خَيراً يا أَمِيرَ المُؤمنينَ هِيَ مِنْ أَعْرَفِ النَّاس بحقَّ اللهِ وحَقَّ أبِيهَا مَعَ حُسْنِ صَلَاتِهَا وَصيَامِهَا وَالقِيَام بِدينِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>