للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكَلِمِ الطَّيِّب وَالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْلِ وَلْيَحْذَرْ مِنْ خُشُونَةِ الْكَلامِ فَإِنَّهَا مُنَفِّرَةٌ وَدَاعِيَةٌ إلى التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ.

وَعَلَى الْحَلِيمِ أَنْ لا يَتَجَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ لِرَدِّ الْمُعْتَدِينِ وَرَدْعِهِمْ وَإِلا كَانَ مُتَهَوِّرًا ظَالِمًا فَالشَّجَاعَةُ تَسْتَلْزِمُ الْحِلْمَ لأَنَّ الشَّجَاعَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدُ الْقُوَّةِ الَّتِي يَسْتَطِيعُ بِهَا الْمَرْءُ مُوَاجَهَةَ الأَخْطَارِ بِل لا بُدَّ مَعَهَا مِنْ ضَبْطِ النَّفْسِ عِنْدَ الْغَضَبِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِن إتِّبَاعِ سُنَنِ الدِّينِ.

وَالشَّجَاعَةِ هِيَ الْحَدُّ الْوَسَطَ بَيْنَ رَذِيلَتِي الْجُبْنِ وَالتَّهَوُّرِ فَفِي الْجُبْنِ تَفْرِيطِ وَتَضْيِيعٌ وَتَقْصِيرٌ وَفِي التَّهَوُّرِ إِفْرَاطٌ وَتَعَدِّ لِلْحُدُودِ وَفِي الشَّجَاعَةِ السَّلامَةِ بِأَنْ يُقْدِمَ حَيْثُ يَرَى الإِقْدَامَ عَزْمًا وَيُحْجِمَ حَيْثُ يَرَى الإِحْجَامَ حَزْمًا.

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِلْمِ آثَارٌ جَلِيلَةٌ وَمَنَافِعٌ عَظِيمَةٌ يَعْرِفُ الإِنْسَانُ قَدْرَهَا إِذَا حَصَلَ الْغَضَبُ وَآثَارَ الْعَوَاطِفَ وَآثَارَ النُّفُوسِ وَشَبَّ نَارَ الْفِتْنَةِ فَاضْطَرَبَتْ الأُمُورُ وَتَغَيَّرَتْ وَاسْتَحْكَمَتْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ وَاسْتَوْلَى عَلَى النَّفْسِ حُبُّ النِّزَاعِ وَالصِّدَامُ وَحُبِّبَ إلى النُّفُوسِ الْفَتْكُ والدَّمَارُ وَنُسِيَتْ عَوَاقِبُ الأُمُورِ مِمَّا يَجُرُّهُ الطَّيْشُ وَالتَّهَوُّرُ مِنْ بَلاءٍ وَدَمَارٍ وَشَقَاءٍ وَنَتَائِجَ وَخِيمَةٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ وَيَظْهَرُ فَضْلُ الْحِلْمِ.

فَإِنَّ الْحِلْمَ إِذَا أَرَادَ اللهُ يَدْفَعُ بِهِ هَذِهِ الشُّرُورِ لأَنَّ الْحَلِيمَ يَسْتَطِيعُ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>