للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُمْ المُنِيْبُ إِلى اللهِ فِي أَنْوَاعِ العِبَادَاتِ فَهُوَ سَاعٍ بِجُهْدِهِ ومصْدرُهَا الرَّجَاءُ وَمُطَالَعَةُ الوَعْدِ والثَّوَابِ وَهَؤُلاَءِ أبْسَطُ نُفُوْساً مِن الأَوَّلِيْنَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنِيْبٌ بِالأمْرَيْنِ ولِكِنْ يَغْلِبُ عَلَى الأَوَّلِيْنَ الخَوْفُ وَيَغْلِبُ الرَّجَاءُ عَلَى الآخِرِيْن.

وَمِنْهُمْ المُنِيْبُ إِلَيْهِ بالتَّضَرُّعِ والدُّعَاءِ وكَثْرَةِ الافْتِقَارِ وسُؤَالِ الحَاجَاتِ كُلِّهَا مَعَ قِيَامِهِمْ بالأمْرِ والنَّهْيِ وَمِنْهُمْ المُنِيْبُ إِلى اللهِ عَنْدَ الشَّدَائِدِ فِقِطْ إِنَابَة المُضْطَّرِّ لا إِنَابَة اخْتِيَارٍ.

وَأَعْلَى أَنْوَاعِ الإِنَابَاتِ إِنَابَة الرُّوْحِ بِجُمْلَتِهَا إِلَيْهِ لِشِدَّةِ المَحَبَّةِ الخَالِصَةِ المُغْنِيَة لَهُمْ عَمَّا سِوَى مَحْبُوْبِهِمْ وَحِيْنَ أنَابَتْ إِلِيْهِ لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ شَيْء عَنِ الإِنَابَةِ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا رَعِيَّتُهَا وَأَدّتْ وَظَائِفَهَا كَامِلَةً فَسَاعَةُ من إِنَابَة هَذَا أَعْظَمُ مِنْ إِنَابَة سِنِيْنَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ انتهي.

((موعظة))

عِبَادَ اللهِ نَحْنُ فِي عَصْرٍ بَارَكَ اللهُ فِيْهِ بَرَكَةً عَمَّتِ المَشَارِقَ والمَغَارِبَ وَكُلَّ مَا للأرْضِ مِنْ أَنْحَاءَ مِمَّا نَعْلَمُهُ وَجَّهَ بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ أَفْكَارَ بَنِيْ آدَمَ إِلى مَا أَوْدَعَهُ فِي خَلْقِهِ مِنْ أَسْرَارً تَفُوْتُ الإحْصَاءَ وَيَسَّرَ لَهُمْ السَّبِيْلَ فَوَصِلُوا مِنْ التَّرَاقِي فِي الاخْتِراعِ والإطّلاعِ إِلى مَا يُدْهِشُ الأفْكارَ وتَزْدَادُ بِهِ عَقِيْدَةُ المُؤْمِنِ قُوَّةَّ فَلا يَعْتَرِيْهِ أدْنَى شَكِّ فِي مِا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُه.

أَصْبَحَتِ الدُّنْيَا كُلُّهَا كَأَنَّهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ يُكَلِّمُ النّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مَعَ بُعْدِ المَسَافَةِ وِيُسَافِرُوْنَ بَرّاً وَبَحْراً فيَقْطَعُوْنَ بِالمَرَاكِبِ البَرِيَّةِ والبِحْرِيَّةِ فِي مُدَّةٍ يَسِيْرةٍ مَا يَحْتَاجُ إِلى مُدَّةٍ طَوِيْلَةٍ فِيْمَا مَضَى وِتِنْقُلُ تِلْكَ المَرَاكِبُ الّتِي خَلَقَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>