للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُمَّ ثبّتْ مَحَبَّتِكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَارْزُقْنَا الْقِيامَ بِطَاعَتِكَ وَجَنِّبْنَا مَا يُسْخِطُكَ وَأَصْلِحْ نِيَّاتِنَا وَذُرِّيَاتِنَا وَأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ نُفُوسَنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا وَأعِذْنَا مِنْ عَدُوِّك وَاجْعَلْ هَوَانَا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعيِنَ.

(فصل)

قال ابنُ القَيمِ رَحِمَهُ اللهُ: إذَا وَقَفَ في الصَّلاةِ صَاحِبُ القَلْبِ العَامِرِ بِمَحَبَّةِ اللهِ وَخَشْيَتِهِ والرَّغْبةِ فِيه وإجْلالِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَقَفَ بِقَلْبٍ مُخْبِتٍ خَاشِعٍ لَه قَرِيب مِنْهُ سَلِيمٍ مِن مُعَارَضَاتِ السُوءِ قَدْ امْتَلأتْ أرْجَاؤه بالهَيْبَةِ وَسَطَعَ فَيهِ نُورُ الإِيمانِ وَكُشِفَ عَنْهُ حِجَابُ النَّفْسِ وَدُخَانُ الشَّهواتِ فَيَرْتَعُ في رِياضِ مَعَانِي القُرْآنِ وخَالَطَ قَلْبَهُ بَشَاشَةُ الإِيمانِ بِحَقَائِقِ الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ وَعُلُّوِهَا وَجَلالِهَا الأَعْظَمِ وَتَفَرُّدِ الربِ سُبحَانه بِنُعُوتِ جَلالِهِ وصفاتِ كَمَالِهِ.

فاجْتَمَعَ هَمُّهُ على اللهِ وَقرَّتْ عَيْنُهُ بِهِ وأَحَسَّ بقُرْبِهِ مِن اللهِ قُرْبًا لا نَظِيرَ لَهُ فَفَرَّغَ قَلْبَهُ لَهُ وأَقْبَلَ عَليهِ بِكُلِّيتِهِ وَهَذَا الإِقْبَالُ مِنهُ بَيْنَ إقْبَالَينِ مِن رَبّهِ فإنه سبحانَهُ أَقْبَلَ عليهِ أَوَّلا فانْجَذَبَ قَلْبُهُ بإقْبَالِهِ فلمّا أَقْبَلَ على رَبِّهِ حُظِيَ مِنْهُ إِقْبَالاً آخَرَ أَتَمَّ مِن الأَوَّلِ.

وهَا هُنَا عَجِيبَةٌ مِن عَجَائِبِ الأسْمَاءِ والصفاتِ تَحْصُلُ لِمَنْ تَفَقَّهَ قَلْبُه في مَعَانِي القُرآنِ وَخَالَطَ بَشَاشَةَ الإِيمانِ بها قَلْبُهُ بحَيْثُ يَرَ لكمْ اسْمٍ وصفةٍ مَوْضِعًا مِن صَلاتِهِ وَمَحَلاً مِنها فإذَا انْتَصَبَ قائمًا بَيْنَ يَدَيْ الربِ تبَاركَ وتعالَى شاهَدَ بِقَلْبِهِ قَيومِيَّتَهُ وإذا قال: الله أكْبَرُ شاهَدَ كِبْرِياءَهُ.

وإذا قال: سبحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ وَتَبَاركَ اسْمُكَ وتَعَالَى جَدُّكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>