للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاهل ومعاند وكَانَ (يأكل مَعَ الخادم ويبادر إلي خدمة القادم ويرقعُ ثوبه ويخصف نعله ويقمُّ بيته ويخدم أهله ويحمل بضاعته من السوق مَعَ أنه سيد ولد آدم وأكرم الخلق علي الله.

وكَانَ (رحيماً حتى بأعدائه ألم تر أنه لما دخل يوم فتح مَكَّة علي قريش: وقَدْ جلسوا بالمسجد الحرام وصحبه ينتظران أمره فيهم من قتل أو غيره.

قَالَ لِقُرَيْشٍ مَا تَظُنُّونَ أَنَّي فَاعِلٌ بِكُمْ قَالُوا خَيْرَاً أَخٌ كَرِيْمٌ وابنُ أَخٍ كَرِيْمٍ فَقَالَ (أَقُولُ كَمَا قَالَ أخِيْ يُوْسُفُ: لاَ تَثْرِيْبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ. اذْهَبْوا فأنْتُمُ الطُّلَقَاءُ وَلاَ غَرابَةَ فَقَدْ انْفَرَدَ بالأَخْلاقِ الفَاضِلَةِ والمَحَاسِنَ والمَعَارِفَ والتَودُدَ والرِفْقِ وَمِنْ النَظْمِ الَّذِي لاَ يُصْلِحُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ إِلاَّ النَّبِيُ (ما يلي:

تَلْقَاهُ وَهُوَ مَعَ الإحسانِ مُعْتِذَراً ... وقَدْ يُسِيءُ مُسِيءٌ وَهُوَ غَضْبَانُ

إِذَا بَدَا وَجَهُ ذَنْبِ فَهْوَ ذُوْ سِنَةٍ ... وَإِنْ بَدَا وَجْهُ خَطْبٍ فَهْوَ يَقْظَانُ

إِذَا تَيَمَّمَهُ العَافِي فكوْكَبُهُ ... سَعْدٌ ومَرْعَاهُ فِي وَادَيْهِ سَعْدَانُ

أحْيَا بِهِ اللهُ هَذَا الخَلْقَ كُلَّهُمُ ... كَأَنَهُ الرُوْحُ وَالمَخْلُوْقُ جُثْمَانُ

عِبَادَ اللهِ إن أمامكم يوم لا كالأيام يوم فيه من الأهوال والشدائد والكروب ما يشيب الوالدان وتذهل فيه المرضعة عما أرضعت يوم يتغير فيه العَالِم وينتهي نظامه الَّذِي نراه.

فتنثر الكواكب وتتساقط وتطوي السماء كطي السجل للكتب يزيلها الله وتبدل الأرض غير الأرض وتمد كما أخبر الله تَعَالَى وينفخ في الصور فيقوم النَّاس من قبورهم لرب العالمين.

وحينئذ يحشر الكافر أعمي لا يبصر أصم لا يسمَعَ أبكم لا ينطق يمشي

<<  <  ج: ص:  >  >>