للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} وَقَالَ {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} وَقَالَ: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} ورأي أن هَذَا لا يضر أصحابه خصوصاً بعد أن يدخل هذان معهما، فإن الدين كفيل بإذن الله فِي تهذيبهما فأجابهما إلي طلبهما.

شعراً:

الدِّيْنُ رُوْحٌ بِهِ تَحْيَا الأنَامُ كَمَا ... دَمَارُهَا أَبَداً بِالكُفْرِ يَنْحَتِمُ

وَالكُفْرُ شَيْنٌ بِهِ الإصْلاَحُ مُنْعَدِمٌ ... وَالدِّيْنٌ زَيْنٌ بِهِ الأحوال تَنْتَظِمُ

ولكن الله تعالى الَّذِي شرع الدين وَهُوَ الَّذِي فوق عباده جميعاً أبي عَلَى نبيه ذَلِكَ وأعلمه أنه لا يبالي بالمتكبرين، ولا يحفل بدخولهم فِي دينه، ما دامت أنفسهم متأثرة بالعزة الكاذبة واحتقار الْمُؤْمِنِين لأن دينه تعالى قَدْ جَاءَ بالِقَضَاءِ عَلَى هذه الرذيلة ولم يجعل الاحترام وعلو الهمة والمنزلة ورفعة القدر مرتبطاً برفعة النسب أو كثرة الْمَال أو الجاه والسُّلْطَان، وإنما جعل ذَلِكَ مرتبطاً بالعلم النافع وتقوي الله، ولذا قال لنبيه {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} وَقَالَ: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} الآية فصدع ? بأمر الله تعالى وبلغ ما أوحي إليه.

شِعْراً: ... رَغِبْتُ عن الدُّنْيَا لِعِلْمِيَ أَنَّهَا

مَحَلُّ حَيَاةِ المَرْءِ فِيه إبَلاَغُ

وقَدْ لاَحَ فِي فَوْدَيَّ شَيْبٌ عَلَى الرَّدَى

دَلِيْلٌ وفِيه مَا أَرَدْتُ بَلاَغُ

وَأَمَّلْتُ مِنْ مَوْلاَيَ نَظْرَةَ رَحْمَةٍ

يَكُوْنُ بِهَا مِنِّي إِليْهِ بَلاَغُ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>