للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..

يَطْوِيْ عَلَى حُنْقٍ حَشَاهُ لأًنْ رَأى ... عِنْدِيْ كَمَالُ غِنَى وَفَضْلُ بَيَانِ

مَا إِنْ أَرَى يُرْضِيِهِ إلا ذِلْتِي ... وذَهَابُ أَمْوَالِي وَقَطْعُ لِسَانِي

وقَدْ ذكر العلماء للحسد دواءً فأولاً أن تعرف أنه ضرر عَلَيْكَ فِي الدين والدُّنْيَا ولا ضرر به عَلَى المحسود لا فِي الدُّنْيَا ولا فِي الدين بل ينتفع به فيهما جميعاً أما ضرره فِي الدين فلأنه سخط لِقَضَاءِ الله وقدره، وكراهة لنعمته عَلَى عبده المُؤْمِن وانضم إليه غش المسلم وترك نصحه وترك الْعَمَل بقوله ?: " لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". وانضم أيضاً إلي ذَلِكَ أنه شارك إبلَيْس وهذه خبائث تأكل الحسنات وأما ضرره فِي الدُّنْيَا فإنه الألم النقد الحاضر والْعَذَاب الدائم.

وأما كونه لا ضرر عَلَى المحسود فواضح لأن النعمة لا تزول بالحسد وأما منفعته فِي الدُّنْيَا للمحسود فهو أن أهم مقاصد أكثر أبناء الدُّنْيَا إيصال الضَّرَر والهم إلي أعدائهم وَهُوَ متوفر فِي الحسد وقَدْ فعل الحاسد بنفسه مرادهم فأَنْتَ بالحَقِيقَة عدو لنفسك وصديق لعَدُوّكَ ومَعَ هَذَا كله فقَدْ أدخلت السرور عَلَى إبلَيْسَ وَهُوَ أعدي عدو لك ولغيرك ولَوْ عقُلْتُ تماماً لعكست وكلفت نفسك نقيض الحسد إذ أن كُلّ مرض يعالج بضده فمثلاً يكلف لِسَانه الثناء عَلَيْهِ من غَيْرِ كذب ويلزم نَفْسهُ بره إن قدر فهذه الأفعال تعمل مقاربة تطيب قلب المحسود ويحب الحاسد ويصير ما يتكلفه أولاً طبعاً آخراً ولا يعمل بوساوس الشيطان إن هَذَا عجز ونفاق وخوف لأن ذَلِكَ من خدعه ومكائده فهَذَا الدواء إلا أنه مر قل من يقدر عَلَيْهِ قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} الآية وبالتالي فإن خَيْر ما للمرء أن يكون مستريحاً فِي دنياه لعل الله أن يجعله من أَهْل الْجَنَّة فِي أخراه.

وفِي الدُّنْيَا فِي أمن وفِي رغد هَذَا شَيْء متحقق وقديماً قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>