للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج

آخر: ... مَا ضَرِنْي حَسَدُ اللِّئَامِ وَلم يَزَلْ ... ذُوْ الفَضْلِ يَحْسُدُهُ ذَوُوْ النُقْصَانِ

يَا بُؤْسَ قَوْمٍ لَيْسَ جُرْمُ عَدُوّهِمْ ... إلا تَتَابُعُ نَعْمَةِ الرَّحْمَنِ

موعظة: عِبَادَ اللهِ إن داء الحسد من أعظم الأدواء، والابتلاء به من أشد البلوي، يحمل صاحبه عَلَى مركب صعب، ويبعده عن التقوي، ويركبه الأهواء فيظِلّ ويغوي، يضيق صدر الحسود وينفطر قَلْبهُ إِذَا رأي نعمة الله عَلَى أخيه المسلم فيعاني من البؤس واللأوي، ما لا يستطيع أن يبث معه ما يجده من الحزن والقلق، ولا يقدر عَلَى الشكوي، إلا إلي الشيطان ونفسه الأمارة بالسُّوء أو من هُوَ مثله فِي الحسد، فقاتل الله الحسود لا يفعل الْخَيْر ولا يحبه لإخوانه المسلمين، غاية أمنيته زَوَال نعمة الله عن عباده إنه بعمله سالك طَرِيق إبلَيْسَ لعنه الله، فما أوقع الشيطان فِي معصية الله إلا حسده لأبينا آدم وامتناعه من السجود بعد ما أمره الله، وما حمل قابيل عَلَى قتل هابيل إلا حسده لأخيه حيث تقبل الله منه قربانه الَّذِي أراد به وجه الله والدار الآخرة وما منع المشركين والمترفين من اتباع الرسل إلا الحسد والكبر، وما حمل أَهْل اْلكِتَاب عَلَى كراهة الدين الإسلامي وصرف المُسْلِمِيْنَ عن كتاب الله والإيمان بسيد الرسل وخاتمهم إلا ما ذكره الله عنهم {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} الآية، وَقَالَ ?: " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ". الحاسد لا يضمر إلا غدراً ولا يعمل إلا شراً ولا يدبر إلا مكراً. وجملة القول أن الحاسد ميسر للعسري لا تجدي معه المواعظ والنصائح وقَدْ قيل إن بضاعة إبلَيْسَ خمسة أصناف يبيعها من قوم معروفين، وهي الحسد وأهله العلماء، وأَهْل الحرفة الواحدة، أي كُلّ من يتفق عملهم مسلمين أو غَيْر مسلمين، والكبر وأهله الأنذال والسفلة والسفهاء والحمقاء ومن لا خَيْر فِيه من المحترفين المنحرفين.

شِعْراً: ... لِكُلِّ امْرِىءٍ شَكْلُ مِنْ النَّاسِ وَحْدَهُ ... فَأَرْجَحُهُمْ عَقْلاًً أَقَلُهُمْ شَكْلا

<<  <  ج: ص:  >  >>