للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قصة قوم لوط يبدو انحراف الفطرة واضحًا حتى لأن لوطًا ليجيبهم بأنهم بدع دون خلق الله فيها وأنهم في هَذَا الانحراف الشنيع غير مسبوقين.

قال عمرو بن دينار في قوله تَعَالَى: {مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ} قال: ما نزل ذكر على ذكر حتى كَانَ قوم لوط. وَقَالَ الوليد ابن عبد الملك لولا أن الله عَزَّ وَجَلَّ قص عَلَيْنَا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكرًا يعلو ذكرًا.

وعجب أن نرى تلك العادة الشائنة القبيحة تنتقل من أولئك الأَشْرَار الَّذِينَ خسف الله بِهُمْ إلى غيرهم من النوع الإنساني مَعَ إنها لم تكد توَجَدَ في الحيوانات الأخرى فإنك لا تكاد تجد حيوانَا من الذكور يأتي ذكرًا مثله اللَّهُمَّ إِلا قليلاً نادرًا كبعض الحمر الأهلية وإلى ذَلِكَ تشير الآيَة الكريمة فإنه تَعَالَى يَقُولُ لَهُمْ: إن تلك الفاحشة لم يسبقكم بها أحد من العالمين والعَالِم كُلّ ما سِوَى الله فيشمل الإِنْسَان والْحَيَوَان قال في كتاب الأَخْلاق الدينية.

وإذا كَانَ الإِنْسَان تسوقه شهوته إلى أن يفعل ما تأباه نفوس الحيوانات العجماء فماذا يكون حاله أليس من أكبر المصائب أن تنحط درجة الإِنْسَان في شهوة الفرج عن درجة الْحَيَوَان.

اللَّهُمَّ إن في ذَلِكَ من الخزي والعار ما لا تطيقه النُّفُوس الكريمة ولا تحتمله الطباع السليمة فلو لم يكن في رذيلة اللواط سِوَى ذَلِكَ لكفى بها ذمًا يصرف النَّاس عَنْهَا ويزهدهم فيها ولكنها فوق ذَلِكَ يترتب عَلَيْهَا من المضار والمفاسد ما يؤذي المجتمَعَ الإنساني.

وإليك البيان. أولاً: إذا فشت تلك العادة في أمة من الأمم وأصبحت

<<  <  ج: ص:  >  >>