للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوَاللهِ ما كَانَ بين إهلاك أعداء الله ونجاة نبيه وأوليائه إِلا ما بين السحر وطلوع الفجر وإذا بديارهم قَدْ اقتلعت من أصولها ورفعت نحو السماء حتى سمعت الملائكة نباح الكلاب ونهيق الحمير، فبرز المرسوم الَّذِي لا يرد، من عَنْدَ الرب الجليل، على يدي عبده ورسوله جبريل بأن يقلبها عَلَيْهمْ، كما أخبر به في محكم التنزيل.

فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ من قائل: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَإليها سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً} فجعلهم آية للعالمين وموعظة للمتقين ونكالاً وسلفًا لمن شاركها في أعمالهم من المجرمين وجعل ديارهم بطَرِيق السالكين {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} أخذوا على غرة وهم نائمون، وجاءهم بأسه وهم في سكرتهم يعمهون فما أغنى عنهم ما كَانُوا يكسبون تقلبوا على تلك اللذات طويلاً فأصبحوا بها يعذبون.

... مَآرِبَ كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ لأَهْلِهَا

مَآرِبَ كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ لأَهْلِهَا ... >?

ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات وانقضت الشهوات وأورثت الحسرات تمتعوا قليلاً وعذبوا طويلاً رتعوا مرتعًا وخيمًا فأعقبهم عذابًا أليمًا أسكرتهم خمرة تلك الشهوات فما استفاقوا منها إِلا وَهُوَ في منازل الهالكين فندموا وَاللهِ أشد الندامة حين لا ينفع الندم وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم فلو رَأَيْت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة والنار تخَرَجَ من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم، وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم، ويُقَالُ لَهُمْ وهم على وجوههم يسحبون {ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} ، {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ولَقَدْ قرب سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>