للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَان وَثَبَّتْ مَحَبَّتكَ فِيهَا وَقَوِّهَا وَأَلْهِمْنَا حَمْدَكَ وَشُكْرَكَ وَارْزُقْنَا حُبَّ أَوْلِيَائِكَ وَبُغْضَ أَعْدِائِكَ وَآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

فَصْلٌ: في بَيَانِ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَاسْتِعْمَاله وَاتِّخَاذِهِ

اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَاكَ وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ لَمَا يُحِبّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ وَجَنِّبْنَا وَإِيَّاكَ وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ مَا يَكْرَهُهُ وَلا يَرْضَاهُ، أَنَّ مِمَّا يَتَأَكَّدُ اجْتِنَابُهُ وَالتَّحْذِيرُ عَنْهُ - فِي رَمَضَانَ وَغَيْرُهُ - التَّصْوِيرُ لِذَوَاتِ الأَرْوَاحِ مُجَسَّدَةً أَوْ غَيْرُ مُجَسَّدَةٍ، وَقَدْ كَانَ بِسَبَبِهِ حَدَثَ الشِّرْكُ الأَكْبَرُ فِي بَنِي آدَمَ، كَمَا قَالَ ابْنُ جَرِير: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مِهْرَانُ عَنْ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بن قَيْسٍ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} قَالَ: كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ، وَكَانَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ يَقْتَدُونَ بِهِمْ، فَلَمَّا مَاتُوا قَالَ أَصْحَابُهُمْ الذِينَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِهِمْ: لَوْ صَوَّرْنَاهُمْ كَانَ أَشْوَق لَنَا إِلَى العِبَادَةِ إِذَا ذَكَرْنَاهُمْ، فَصَوَّرُوهُمْ.

فَلَمَّا مَاتُوا جَاءَ آخَرُونَ دَبَّ إليهم إِبْلِيسُ، فَقَالَ: إَنَّمَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَبِهِمْ يُسْقَوْنَ المَطَرَ، فَعَبَدُوهُم، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} هَذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ وَلَمَا هَلَكُوا صَوَّرَ قَوْمُهُمْ صُوَرَهُمْ، ثُمَّ طَالَ عَليهِم الأمدُ فَعَبَدُوهُمْ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِم بِسَنَدِهِ عَنْ أبِي المُطَهَّرِ قَالَ: ذَكَرُوا عَنْدَ أَبِي جَعْفر - وَهُوَ قَائِمٌ يُصلي - يَزِيدَ بنَ المهَلبِ، قَالَ: فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاتِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>