للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُ عُيُوبَنَا فَاسْتُرْهَا وَتَعْلَمَ حَاجَاتِنَا فَاقْضِهَا كَفَى بِكَ وَلِيًّا وَكَفَى بِكَ نَصِيرًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِسُلُوكِ سَبِيلِ عِبَادِكَ الأَخْيَارِ، وَاغْفِرْ لَنَا.

(فَصْلٌ) : عِبَادَ اللهِ لَقَدْ أَخْبَرَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا أَنَّ حَيَاةً أُخْرَى نُجَازَى فِيهَا عَلَى مَا كَانَ مِنْ أَعْمَالٍ، وَلا شَكَّ فِي تِلْكَ الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ، لأَنَّ اللهَ تَعَالى أَخْبَرَ بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَأَخْبَرَ بِهَا جَمِيعُ الرُّسُلِ، وَأَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلامَاتٍ دَالَّةٍ عَلَى إقْتِرَابِهَا، يَزْدَادُ بِهَا إِيمَانًا ذُو الْقَلْبِ السَّلِيمِ، وَهَذِهِ الْعَلامَاتُ تَنْقَسِمُ إِلى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ ظَهَرَ وَانْقَضَى، وَهِيَ الأَمَارَاتِ الْبَعِيدَةِ، وَقِسْمٌ ظَهَرَ وَلَمْ يَنْقَضِ، بَلْ لا يَزَالُ فِي ازْدِيَادٍ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ ظَهَرَ، وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهِيَ الأَمَارَاتُ الْقَرِيبَةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي تَعْقِبُهَا السَّاعَةُ، فَإِنَّهَا تَتَابَعُ كَنِظَامِ خَرَزَاتٍ انْقَطَعَ سِلْكُهَا.

فَالأُولَى الَّتِي ظَهَرَتْ وَمَضَتْ، مِنْهَا: بِعَثَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْتُهُ، وَفَتْحُ الْمَقْدِسِ، وَقتْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمِنْهَا وَقْعَةُ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةِ حَتَّى تَقْتَتِلُ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهَا وَاحِدَةٌ» . وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» . وَمِنْهَا: مُلْكُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَا جَرَى عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فِي أَيَّامِهِمْ مِنْ الأَذِيَّةِ، كَقَتْلِ الْحُسَيْنِ، وَرَمْي الْكَعْبَةِ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَنَارُ الْحِجَازِ الَّتِي أَضَاءَتْ لَهَا أَعْنَاقُ الإِبِلِ بِبُصْرَى، وَمِنْهَا خُرُوجُ كَذَّابِيْنَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ نَبِيّ، وَمِنْهَا كُثْرَةُ الْمَالِ، وَكَثْرَةُ الزَّلازِلْ.

الثَّانِيَةُ: الْعَلامَاتُ الْمُتَوَسِّطَةِ، مِنْهَا: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةِ حَتَّى يَكُونُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعَ بن لُكَع» . وَاللكَعُ الْعَبْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>