للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. اللَّهُمَّ يا عليم يا حليم يا قوي يا عزيز يا ذا المن والعطا والعز والكبرياء يا مَنْ تَعْنُوا له الوجُوه وتخشع له الأصوات وفقنا لصالح الأعمال واكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك إنك على كل شيء قدير. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

موعظة: عِبَادَ اللهِ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَقْدُرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ المَعْرِفَةُ التِي لا تَلِيقُ بِجَلاله وَعَظَمَتِهِ، وَلَوْ عَرَفُوهُ هَذِهِ المَعْرِفَةَ وَقَدَّرُوهُ مَا صَدَّقَ العَقْلُ أَنْ يَكُونُوا بِهَذِهِ الحَالِ، إِنَّ العَارِفَ بِاللهِ تَعَالَى يَخْشَاهُ، فَتَعْقِلُهُ هَذِهَ الخَشْيَةُ عَمَّا لا يَنْبَغِي مِنَ الأَفْعَالِ كَيْفَ لا وَهَذَا القُرَآنُ يَقُولُ اللهُ فِيهِ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} العَارِفُ بِاللهِ تَعَالَى لا يَجْرُؤُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِكَلِمَةٍ مِنَ المُنْكَرَاتِ لأَنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَسْمَعُ السِّرَّ واَلنَّجْوَى، وَلا يَجْرُؤ أَنْ يَسْتَعْمِلَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ فِي عَمَلٍ لَيْسَ بِحَلالٍ، لأَنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَرَاهُ مَهْمَا اخْتَفَى وَاجْتَهَدَ فِي الاخْتِفَاءِ وَكَذَلِكَ لا يُقْدِمُ وَيَعْزِمْ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنَ المُحَرَّمَاتِ لأَنَّهُ يُؤْمِنُ بِوَعِيدِ اللهِ عَلَى مَنِ اجْتَرَأَ وَانْتَهَكَ المَحْظُورَاتِ، العَارِفُ بِاللهِ حَقّ المَعْرِفَةَ لا يَنْطَوِي عَلَى رَذِيلَةٍ كَالكِبْرِ وَالعُجْبِ وَالحِقْدِ وَالنِّفَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الرَّذَائِلِ المَمْقُوتَاتِ لأَنَّهُ لا يُؤْمِنُ أَنَّ مَا فِي قَلْبِهِ لا يَخْفَى عَلَى مَنْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، فَلا يَسْتَرِيحُ حَتَّى يَكُونَ بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ مُطَهَّرًا عَنِ الفَوَاحِشِ، وَكَذَلِكَ لا يَتَعَامَلُ بِالرِّبَا وَيَبْتَعِدُ كُلَّ البُعْدِ عَنِ الرِّيَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ المُحَرَّمَاتِ، وَكَذَلِكَ لا تَسْمَعُ مِنْ فَمِهِ عِنْدَ نُزُولِ البَلا إِلا الحَسَنَ الجَمِيلَ فَلا يَغْضَبُ لِمَوْتِ عَزِيزٍ أَوْ فَقْدِ مَالٍ، أَوْ مَرَضٍ شَدِيدٍ لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ غَضَبَهُ يَتَوَجَّهُ إِلَى الحَكِيمِ العَلِيمِ اللَّطِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>