للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَالِكَ تُجْزَى كل نَفْس بِمَا كَسَبتْ قَالَ اللهُ جَلَّ جَلاله: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} الآيَة.

قَالَ بَعْضُ الحُكَمَاء:

تَبًا لِطَالِبِ دُنْيًا لا بَقَاءَ لَهَا ... كَأَنَّمَا هِيَ فِي تَعْرِيفِهَا حُلُمُ

صَفَاؤُهَا كَدَرٌ سُرُورُهَا ضَرَرٌ ... أَمَانُهَا غَرَرٌ أَنْوَارُهَا ظُلَمُ

شَبَابُهَا هَرَمٌ رَاحَاتُهَا سَقَمٌ ... لَذَّاتِها نَدَمٌ وُجْدَانُهَا عَدَمُ

لا يَسْتَفِيقُ مِنَ الأَنْكَادِ صَاحِبُهَا ... لَوْ كَانَ يَمْلِكُ مَا قَدْ ضُمِّنَتْ أَرَمُ

فَخَلِّ عَنْهَا وَلا تَرْكَنْ لِزَهْرَتِهَا ... فَإِنَّهَا نِعَمٌ فِي طَيِّهَا نَقِمُ

وَاعْمَلْ لِدَارِ نعَِيمٍ لا نَفَادَ لَهَا ... وَلا يُخَافُ بِهَا مَوْتٌ وَلا هَرَمُ

آخر: ... يَا آمِنَ السَّاحَةِ لا يُذْعَرُ ... بَيْنَ يَدَيْكَ الفَزَعُ الأَكْبَرُ

وَإِنَّمَا أَنْتَ كَمَحْبُوسَةٍ ... حُمَّ رَداَهَا وَهِيَ لا تَشْعُرُ

وَالمَرْءُ مَنْصُوبٌ لَهُ حَتْفُهُ ... لَوْ أَنَّهُ مِنْ عَمَهٍ يُبْصِرُ

وَهَذِهِ النَّفْسُ لَهَا حَاجَةٌ ... وَالعُمْرُ عَنْ تَحْصِيلِهَا يَقْصُرُ

وَكُلَّمَا تُزْجَرُ عَنْ مَطْلَبٍ ... كَانَتْ بِهِ أَكْلَفَ إِذْ تُزْجَرُ

وَإِنَّمَا تَقْصُرُ مَغْلُوبَةً ... كَالمَاءِ عَنْ عُنْصُرِهِ يَقْصُرُ

وَرُبَّمَا أَلْقَتْ مَعَاذِيرَهَا ... لَوْ أَنَّهَا وَيْحَهَا تُعْذَرُ

وَنَاظِرُ المَوْتِ لَهَا نَاظِرٌ ... لَوْ أَنَّهَا تَنْظُرْ إِذْ يُنْظَرُ

وَزَائِرُ المَوْتِ لَهُ طَلْعَةٌ ... يُبْصِرُهَا الأَكْمَهُ وَالمُبْصِرُ

وَرَوْعَةُ المَوْتِ لَهَا سَكْرَةٌ ... مَا مِثْلُهَا مِنْ رَوْعَةٍ تُسْكِرُ

وَبَيْنَ أَطْبَاق الثَّرى مَنْزلٌ ... يَنْزِلُهُ الأَعْظَمُ وَالأَحْقَرُ

يَتْرُك ذُو الفَخْرِ بِهِ فَخُرَهُ ... وَصَاحِبُ الكِبْرِ بِهِ يِصْغُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>