للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعْدَدْتَ لَهُمْ فَسِيحَ جَنَّاتِكَ، وأَدْخِلْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي دَارِ أَمَانِكَ وعافنا يا مَوْلانا في الدُّنْيَا والآخِرةِ مِن جَمِيعِ الْبَلايَا وأجْزِلْ لِنَا مِنْ مَوَاهِب فَضْلِكَ وَهِبَاتِكَ وَمَتَّعْنَا بالنَّظَر إلى وَجْهِكَ الْكَريمِ مَعَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

(فصل)

٣٤– فِيَما وَرَدَ مِن الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ على تَرْكِ الزَّكَاة:

إذا فَهِمْتَ ما تَقَدَّمَ مِمَّا تَجِبُ فيه الزكاةُ وبيانِ نِصَابِ الزكاةِ ومَصْرفها وما يَنْبَغِي أنْ يَقولَ الدَّافِعُ والْمَدْفُوعُ إليهِ. فاعْلَمْ أَنَّها مَا خَالَطَتْ مَالاً إلا أفسدَتْهُ ومحقتْ بَرَكَتَهُ وأيُّ خَيْرٍ وَنَفْعٍ فِي مالٍ مَمْحُوقِ الْبَرَكَةِ بَاقٍ شَرُّهُ وفِتْنَتُهُ وشُغْلُ الْبدنِ والْقَلبِ وإتْعَابُهُما؟

والْمَحْقُ: مِنْهُ ما هُوَ ظَاهِرٌ، وَهَوُ ذَهَابُ صُورَة الْمَالِ، وَرُجُوعُ الإِنْسَانِ بَعْدَ الاسْتِغْنَاءِ فَقِيرًا، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِخَلْقٍ كثيرٍ مِنْ الْمُتَسَاهِلِينَ بَأَمْرِ الزَّكَاةِ.

وَمِنْ الْمَحْق: مَحْقُ بَاطِنٌ وهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ في الصُّورَةِ مَوْجُودًا وَكَثِيرًا ولكنْ لا يَنْتَفِعُ فيه صاحبُهُ لا في دِينِهِ في وجُوهِ الْبَرِّ والْمَشَارِيعِ الْخَيرِيَّةِ وبَذْلِ الْمَعْروفِ، ولا يَنْتَفَعُ فيه في نَفْسِهِ ومروءَتِهِ بالسَّتْرِ والصِّيانِةِ، ومَعَ ذلِكَ يَتَضَرَرُ بهِ تَضرُرًا كَثِيرًا بإمْسَاكِهِ عن حَقِّهِ وَوَضْعِهِ في غَيْر جَهَتِهِ إمَّا بِإنْفَاقِهِ بَالْمَعَاصِي والْعِيَاذُ باللهِ وَإمَّا فِي الشَّهَوَاتِ الْبَهِيمِيَّةِ التِي لا نَفْعَ فِيهَا وَلا حَاصِل.

وقد وَرَدَ في مَنْعِ الزَّكاةِ عن اللهِ ورسُولِهِ تَشْدِيدَاتٌ هَائِلةٌ وَتَهْدِيدَاتٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>