للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلاقونه إذ ذاك من النَّعِيم، وما يُقَالُ لَهُمْ والمراد بالسوق هنا الإسراع بِهُمْ إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يكرم من الوافدين على بعض الملوك، بخلاف السوق المتقدم في حق الكفار، فإنه طردهم إلى الْعَذَاب والذل والهوان، كما يفل بالمجرم الأسير إذا سيق إلى السجن أو القتل فشتان ما بين السوقين {حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} المعنى أنهم إذا وصلوا إليها وقَدْ فتحت أبوابها لَهُمْ كما تفتح الخدم باب المنزل للضيف عَنْدَ قدومه، وتقف له منتظرة حضوره فرحًا واستبشارًا لقدومه، فرحوا بما أفاء الله عَلَيْهمْ من النَّعِيم، وبما شاهدت أعينهم مِمَّا لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثُمَّ أخبر جَلَّ وَعَلا أن خزنة الْجَنَّة يسلمون على الْمُؤْمِنِين، فَقَالَ عز من قائل: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} فبدؤهم بالسلام، التضمن للسلامة من كل شر ومكروه أي سلمتم فلا يلقكم بعد اليوم ما تكرهون ثم قالوا لهم: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} .

أي سلامتكم ودخولكم بطيبكم، فإن الله حرمها إِلا على الطيبين، فبشروهم بالسلامة والطيب، والدخول والخلود، ثُمَّ أخبر عما يقوله المؤمنون إذا عاينوا ذَلِكَ النَّعِيم الْمُقِيم والعطاء الجزيل بعد دخولهم واستقرارهم، حامدين لله على ما أولاهم ومن به عَلَيْهمْ وهداهم له، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء} ونحو هذه الآيَة {وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ} .

اللَّهُمَّ ثَبِّتْ إيماننا بك ومحبتك في قلوبنا ثبوت الجبال الراسيات واعصمنا يا مولانَا مِنْ جَمِيعِ الموبقات ووفقنا للعمل بالباقيات الصالحات

<<  <  ج: ص:  >  >>