للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. فالعُمُرُ مُنْصَرِمٌ والوَقْتُ مُغْتَنَمٌ

وَالدَّهْرُ ذُو غَيْرٍ فَأجْهَد به تُصِبِ

كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ لأهْلِهِ: أَسْتَوْدِعُكُمْ اللهِ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي التِي لا أَقُومُ مِنْهَا وَكَانَ هَذَا دَأبَهُ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ. وَقَالَ آخَرُ: إِنْ اسْتَطَاعَ أَحَدُكُمْ أَنْ لا يَبِيتَ إِلا وَعَهْدُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ مَكْتُوبُ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَبِيتُ فِي أَهْلِ الدُّنْيَا وَيُصْبَحُ فِي أَهْلِ الآخِرَةِ. قُلْتُ: وَيَنْبَغِي لِكُلّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمَحَلٍّ تَطْرُقُهُ السَّيَارَاتُ في وَقْتِنَا الذي كَثَر فِيهِ مَوْتُ الفُجَاءِ بسَبَبِ السُّرْعَةِ الْمُفْرِطَةِ مِنْ سَائِقِي السَّيَارَاتِ الذين لَيْسَ عِنْدَهُمْ حُرْمَةٌ لِلْمُسْلم نَسَأْلُ اللهَ الْحَيَّ القَيُّومَ أَنْ يوفِقَ وُلاتَنَا لِلأَخْذِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَرَدْعِهِمْ لِيَأْمَنَ الْمَشَاةُ وَيَطْمَئِنُّوا بَإِذْنِ اللهِ تعالى:

إِنّي أَرِقتُ وَذِكرُ المَوتِ أَرَّقَني

وَقُلْتُ لِلدَّمْعِ أَسْعِدْنِي فَأَسْعَدَنِي

يَا مَن يَمُوتُ فَلَمْ تُحْزِنْهُ مَيْتَتُهُ

وَمَنْ يَمُوتُ فَمَا أَولاهُ بِالْحَزَنِ

تَبْغِي النَّجَاة مِنَ الأَحْدَاثِ مُحْتَرِسًا

وَإِنَّمَا أَنْتَ وَالعِلاتُ في قَرَنِ

يَا صَاحِبَ الرَّوْحِ ذِي الأَنْفَاسِ في بَدَنٍ

بَيْنَ النَّهَارِ وَبَيْنَ اللَّيْلِ مُرتَهَنِ

لَقَلَّمَا يَتَخَطَّاكَ اِختِلافُهُمَا

حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ الرُّوحِ وَالبَدَنِ

طِيبُ الْحَياةِ لِمَنْ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ

وَلَمْ تَطِبْ لِذَوِي الأَثْقَالِ وَالْمُؤَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>