للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أَخْبَرَنِي صَدَقَنِي فَهُمْ اليَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، لِلْمَكَانِ الذِي بِهِ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَبَرِهِ قَالَ: مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ مِنْ مَاءَ» . ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، قَالَ: يَقُولُ الشَّيْخُ: مِنْ مَاءٍ أَمِنْ مَاءَ العِرَاقِ.

فَلَمَّا أَمْسَى بَعَثَ عَلَيَّ بن أَبِي طَالِبٍ، وَالزَّبَيْرُ بن العَوَّامِ، وَسَعْدَ بن أبي وَقَّاصِ، في نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلى مَاءِ بَدْرٍ، يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ، فَوَجَدُوا سُقَاةَ قُرَيْشٍ يَسْقُونَ لَهُمْ فَأَمْسَكُوا بِغُلامَيْنِ مِنْهُمْ، فَجَاءوُا بِهِمَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ القَوْمُ يَسْأَلُونَهُمَا لِمَنْ أَنْتُمَا؟ وَهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يَكُونَا مِنْ سُقَاةِ العَيْرِ، فَقَالَ الغلامان: نَحْنُ مِنْ سُقَاةِ قُريشٍ، بَعَثُونَا نَسْقِيهِمْ مِنَ الْمَاءِ، فَظَنُّوا أَنَّهُمَا يَكْذِبَانِ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُمَا، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُمَا فَيَقُولانِ: نَحْنُ لِقُرَيْشٍ. فَلَمَّا أَوْجَعُوهُمَا ضَرْبًا قالا: نَحْنُ لأبي سُفْيَانَ فَتَرَكُوهُمَا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلاتِهِ قَالَ: «إِذَا صَدَقَاكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمَا، وَإِذَا كَذَبَاكُمْ تَرَكْتُمُوهُمَا، صدَقَا وَاللهِ إِنَّهُمَا لِقُريشٍ» . ثُمَّ سَألَهُمَا عَنْ قُرَيْشٍ، فَقَالا: هُمْ وَاللهِ وَرَاءَ هَذَا الكَثِيبِ الذِي تَرَى، بالعُدْوةِ القُصْوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَمْ القَوْمُ» ؟ قَالا: كَثِيرٌ، قَالَ: «مَا عِدَّتُهُمْ» ؟ قَالا: لا نَدْرِي، قَالَ: «كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ» ؟ قَالا: يَوْمًا تِسْعًا وَيَوْمًا عَشْرًا مِنْ الْجُزُرِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعِمَائةِ وَالأَلْفِ» . ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ فِيهِمْ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ» ؟ فَجَعَلا يَذْكُرَانِ لَهُ، فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: «هَذِهِ مَكَّةُ قَدْ أَلْقَتْ إِلَيْكُمْ أَفْلاذَ كَبِدِهَا» . فَعَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّها الْحَرْبُ لا مَحَالَةَ.

اللَّهُمَّ قَوِّي إِيَمانَنَا بِكَ وَبِمَلائِكَتِكَ وَبُرسُلِكَ وباليومِ الآخِرِ وَبالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ وَامْتِثَالِ أَمْرِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>