للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِعْرًا ... تَكامَلَتْ فِيكَ أَوْصَافٌ خُصِصْتَ بِهَا ... فَكُلُّنَا بِكَ مَسْرُورٌ وَمُغْتَبِطُ

السِّنُّ ضَاحِكَةٌ وَالكَفُّ مَانِحَةٌ ... وَالنَّفْسُ وَاسِعةٌ وَالوَجْهُ مُنْبَسِطُ

آخر: ... صَفُوحٌ عَنِ الإِجْرَامِ حَتَّى كَأنَّهُ ... مِنَ العَفْوِ لَمْ يَعرف من الناس مُجْرِمَا

ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّيْرِ إِلى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ الأَثِيلَ، اسْتَعْرَضَ الأَسْرَى هُنَا، فَأَمَرَ بَاثْنِينِ مِنْهُمْ أَنْ يُقْتَلا، وَهُمَا النَّضْرُ بنُ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَ كِلاهُمَا شَيْطَانًا من شَياطين قُرَيْشٍ، وَمِنْ أَشَدِّ الْمُشْرِكِينَ إِيذَاءً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلأَصْحَابِهِ، وَأَفْظَعَهُم تَقَوُّلاً عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَعَلَى رَسُولِهِ، لا يَفْتُرَانِ مِنْ الإِيذَاءِ لا لَيْلاً وَلا نَهَارًا، أَمَّا النَّضْرُ بنُ الْحَارِثِ فَقَدْ نَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَةً هَلَعَ لَهَا قَلْبُهُ، وَأَيِسَ مِنَ البَقَاءِ بَعْدَهَا، فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلى جَنْبِهِ: مُحَمَّدٌ وَاللهِ قَاتِلِي، فَقَدْ نَظَرَ إِليَّ بِعَيْنَيْنِ فِيهمَا الْمُوْتُ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: مَا هَذَا وَاللهِ مِنْكَ إِلا رُعْبٌ، وَجَعَلَ النَّضْرُ يَلْتَمِسُ شَفِيعًا لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَعْفُو عَنْهُ، فَذَهَبَ إِلى مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَ أَقْرَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ رَحِمًا، فَقَالَ لَهُ: كَلِّمْ صَاحِبَكَ أَنْ يَجْعَلَنِي كَرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَهُو وَالله قَاتِلِي إِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَقَالَ مُصْعَبِ: إِنَّكَ تَقُولُ فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي نَبِيِّهِ كَذَا وَكَذَا، وَكُنْتَ تُعَذِّبُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّضْرُ: لَوْ أَسَرَتْكَ قُرَيْشٌ مَا قَتَلَتْكَ وَأَنَا حَيٌّ أَبَدَا، قَالَ مُصْعَبِ: اللهِ إِنِّي لأَرَاكَ صَادِقَا، ثُمِّ إِنِّي لَسْتُ مِثْلُكَ، فَقَدْ قَطَعَ الإِسْلامُ الْعُهُودِ، وَكَانَ قَائِلاً: النَّضْرُ أَسِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اضْرِبْ عُنُقَهُ، وَاللَّهُمَّ أَغْنِ الْمِقْدَادَ مِنْ فَضْلِكَ» . فَقُتِلَ ضَرْبًا بِالسَّيْفِ، وَأَمَّا الآخَرُ وَهُوَ عُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعْيَطٍ، فَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ وَهُوَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ، وَرَوَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>